نتنياهو وتحويل السلطة الفلسطينية إلى رهينة مرة أخرى

في آذار 2002 عقدت القمة العربية مؤتمرها في بيروت وكان في أولوية جدول عمله الوضع الفلسطيني وكان من الطبيعي والمقرر أن ينتقل الرئيس الراحل عرفات من مقره في رام اللـه إلى بيروت وهو الذي لم يغب عن أي قمة عربية لكن شارون الذي بدأ بشن حرب على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة حذر عرفات من أنه إذا غادر لحضور القمة فلن يسمح بعودته إلى رام اللـه، وأصبح عرفات رهينة داخل مقاطعته في رام اللـه ولم يحضر القمة لأول مرة في تاريخه وواصل شارون حصاره لعرفات في مقاطعته التي تعرضت لقصف مدفعي من جوانبها وبقي عرفات في مكتبه مع عدد من الموظفين والمستشارين.. وفي يومنا هذا أطلق رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو في مناسبات كثيرة تهديداً علنياً لمحمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية بأنه سيقطع أي صلة به وبسلطته إذا ما سمح بمشاركة حماس في تشكيل حكومة فلسطينية موحدة وهذا يعني أن تل أبيب لم تعد تعترف بعباس رئيساً للسلطة أو شريكاً في عملية سلمية لا تزال مجمدة، وقد يعني هذا أيضاً عدم منح عباس الموافقة على البقاء في رام اللـه أو العودة إليها إذا ما عقد اتفاقاً مع حماس في أي بلد آخر على تشكيل حكومة ومصالحة، وكان ناطق رسمي باسم نتنياهو قد أعلن أول من أمس السبت أن (على عباس الاختيار بين التسوية مع إسرائيل أو التسوية مع حماس ولن نسمح له بالحصول على تسوية مع إسرائيل وتسوية مع حماس في الوقت نفسه فإما إسرائيل وإما حماس لأن الحكومة ستدفن العملية السلمية معه إذا وافق على حكومة مشتركة مع حماس)… فإسرائيل بكل وضوح تريد فرض سياستها هي على السلطة الفلسطينية وكأنها جهاز يتلقى خطة عمله وينفذ سياسته بموجب ما تفرضه حكومة نتنياهو وإذا رفضت السلطة هذا الأمر فهذا يعني إخراجها من حالة الرهينة التي يراد ابتزازها لمصلحة إسرائيل إلى حالة تجعلها غير شرعية بنظر إسرائيل وغير شريكة في المفاوضات!؟

أما الحل الآخر الذي تعده حكومة نتنياهو لهذه المعضلة والخيارات الصعبة على السلطة الفلسطينية فهو بموجب ما أعلنه ناطق باسم نتنياهو استعادة قطاع غزة من قيادة حماس وتحويله إلى القوانين والإجراءات التي فرضتها إسرائيل في الضفة الغربية أي إعادة احتلاله من إسرائيل بموافقة وعن طريق السلطة الفلسطينية
.
فمن المعروف أن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية ليس لها صلاحيات توقف الاستيطان أو إنشاء حواجز عسكرية إسرائيلية بين القرى والمدن كما أن مهام السلطة الفلسطينية بموجب التنسيق الأمني مع قوات الاحتلال هي نزع أسلحة الفلسطينيين والتعاون الأمني مع أجهزة أمن قوات الاحتلال لاعتقال رجال المقاومة… ولذلك سيكون من المستحيل موافقة أي طرف في قطاع غزة على عودة الاحتلال وإجراءاته بذريعة استعادة السلطة الفلسطينية لصلاحياتها في قطاع غزة ولو كانت السلطة الفلسطينية ستعود وحدها دون إجراءات الاحتلال إلى القطاع لكانت المصالحة قد تحققت منذ زمن طويل. ويبدو مع ذلك أن رئيس السلطة الفلسطينية وكذلك قيادة حماس في قطاع غزة يشعرون أن التغيير التدريجي في سياسة القاهرة يشجع الطرفين على مناقشة موضوع تشكيل حكومة وحدة وطنية ما دامت شروط حسني مبارك للمصالحة لم تعد متداولة الآن على الأرض رغم وجودها في أدراج عمر سليمان!؟ ومن الواضح تماماً أن نتنياهو لا يحاول ابتزاز السلطة الفلسطينية فحسب بل إنه يفرض عليها ما يشبه وضع «الرهينة» بين يديه على غرار ما فرضه شارون على الرئيس الراحل عرفات حين أبقاه (رهينة) داخل مكتبه إلى أن تمكن تدريجياً من دس السم له وقتله بعد أن قرر عرفات عدم المغادرة والبقاء في الأراضي المحتلة.

السابق
14 آذار الأوروبيّة وسوريا
التالي
معجزة سورية