بين نعم ولا… ماذا تقولون لأولادكم؟

لعلك لا تذكر الآن وقد أصبحت شخصاً ناضجاً أحاسيس من طفولتك، لكن حاول أن تعود إلى الوراء لترى ما إذا كنت تذكر تلك الأحاسيس لأن توقعات الأولاد غالباً ما تكون مفعمة بالأمل.
الأطفال يتوقعون أن يكبروا وأن يتعلموا المشي والأكل بمفردهم، وقراءة الألفباء والغناء وأشياء أخرى كثيرة. إنهم يتوقعون الحصول على ألعاب وتعلُّم كيفية اللعب بها. ثم يتوقعون ألعاباً أخرى أفضل من تلك التي لديهم، أليس كذلك؟
إنه الإحساس بالترقب الذي يساعد الأولاد على التقدم نحو المستقبل. إنه القطار الذي يحملهم إلى المحطة التالية والتي ما بعدها. وصدقني يا عزيزي القارئ هذا الإحساس بالترقب هو الذي يدفعك أنت أيضاً إلى الأمام حتى الآن!
من الحكمة بمكان أن نكتشف، بصفتنا أهل، ما يترقبه ويتوقعه أولادنا ونساعدهم على تحقيق ما يريدونه لكي ينموا مع الإحساس بالأمل وتحقيق الذات والرضا عن أنفسهم. ينصح بعض المعالجين النفسيين، بأن نقول دائماً "نعم" لأولادنا، لأن كلمة "لا" تقتل روح الترقب لديهم. لقد أخبرتني مساعدتي أنها كانت تقول لابنها "نعم" دائماً لكنها تطلب منه بالمقابل إتمام الأشياء التي تريدها منه. فتقول له مثلاً: " نعم، يمكنك أن تقضي الليلة في منزل صديقك إذا نظّفت غرفتك ورتّبتها".
وقد أضافت مساعدتي أنه حين أصبح أولادها راشدين، قال لها أحدهم: "أنت لم ترفضي لنا يوماً أي طلب!"
يمكننا أن نقول لهم "نعم" ونبقي حسّ الترقب لديهم حيّاً ومتنامياً. يمكننا أيضاً أن نقول لهم "لم لا؟" ليفهموا أننا نفكر في أن نقول "نعم". الأولاد لا يعرفون لائحة القواعد الطويلة التي يضعها الأهل في رؤوسهم لسبب أو لآخر، لذلك لا يأخذونها بعين الاعتبار أبداً. التفكير بقول كلمة "نعم" يعطيكم الفرصة لتقويم ما إذا كانت تلك اللائحة الطويلة لا تزال صالحة أم لا.
لقد قررت أن أتخلص من اللائحة الطويلة التي لدي والتي تبدأ كلها بعبارة" يجب أن يفعلوا كذا…" وذلك من خلال طرح سؤال بسيط واحد هو: "منذ متى قررتُ ذلك، وهل لا يزال هذا القرار صالحاً؟" ما تعتبرونه مهماً قد لا يرتدي الأهمية نفسها برأي ولدكم؟ إنه يريد منكم أن تقولوا "نعم" كجزء من تقدمه ونموه. عندما تقولون "لا" يشعر بالجمود، بالخيبة وبأنكم تتحكمون به أكثر مما هو مفروض.
قد يأتي ظرف تضطرون فيه لقول "لا" والتشبّث برأيكم. ولكن من الممكن أن تفكروا بطريقة تجعل حتى كلمة "لا" فرصة لنمو ولدكم. يمكنكم أن تعلموه الاستنتاج التحليلي عبر قولكم:" أعتقد فعلاً أن الرفض هو الجواب الأنسب في هذه الحالة. ولكن إذا استطعت ان تعطيني ثلاثة أسباب وجيهة حتى أغيّر رأيي، فتأكد من أنني سأفعل".
إن كلمات مثل "أتمنّى" و"آمل" و"أرغب" كلها تعكس توقعات الأولاد. فإذا ناقشتم مع أولادكم ما يتمنونه وما يأملون تحقيقه وما يرغبون به تحافظون على حيوية حسّ الترقب والتوقع لديهم وتساعدونهم على النمو والتقدم.
"آذار هو شهر التوقعات، شهر الأشياء التي لا نعرفها"

السابق
وطن بـ”لاءات” كثيرة
التالي
الحريري يرعى اجتماعا وزاريا وبلديا غدا لحل ازمة نفايات صيدا وقراها