«وان شلت حملك على كتوفك»

البدو يشبّهون مَن يكرر الخطأ بالعنزة التي تطأ الحبل المربوط برقبتها حتى تختنق. يقولون: «فلان مثل العنزة التي تطأ حبلها». والأنظمة العربية التي سقطت، أو تكاد، تمسك بحبل الرقبة، تقلّد طريق الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي. أهلكها طول الحبل، وإن شئت طول الأمل. لكن دمشق مختلفة. سورية ليست بلداً، هي منطقة. دولة إقليمية بامتياز. وإذا قلّدت دمشق الطريقة الليبية في التغيير، فالمنطقة ستتبعها. لكن النظام في سورية استخدم هذه الميزة في اتجاه واحد. تجاهلَ مطالب الشعب. اعتقد بأن الدور الإقليمي، وشعارات مثل الممانعة والمقاومة تعفيه من استحقاقات الداخل. نسيت دمشق انها جِلَّق، بكل ما تعنيه القصيدة. ذهبت سورية بعيداً. استبدلت علاقاتها الإقليمية بعروبتها وأمويتها وبالغت.هذا ليس رفضاً لمطالب الناس، ولا يعني ان سورية ستتجاوز التظاهرات بلا ثمن. لكن دمشق بالفعل ليست ليبيا، التي زاد ورطتها أنها بلد قصيّ، ولا أصدقاء لنظامها. سورية قلب المنطقة الملتهبة مذ أربعينات القرن العشرين، ولها حلفاء بحجم موقعها وأهميتها، فضلاً عن ان العرب الغاضبين من سياستها، حريصون على تماسكها، حتى أعداؤها يخشون تغيير نظامها على النحو الذي يجري في ليبيا. تغيير النظام السوري لن يتم على الطريقتين التونسية والمصرية، والطريقة الليبية تعني ان المنطقة في صدد حرب إقليمية مفزعة يشارك فيها «حزب الله»، و «حماس «، و «الجهاد الإسلامي»، والمخيمات الفلسطينية في سورية والأردن ولبنان. تغيير النظام السوري عنوة هو قيامة المنطقة.
لا شك في ان النظام في سورية استكان الى هذه الحقيقة، وتساهل بأولويات الوضع الداخلي. وغالبية السوريين ليست مع توجهات النظام في سياسته الخارجية، ناهيك عن عدم تحقيق مطالبها في الحرية والديموقراطية، وضجرها من استمرار الحكم بالشك، وتضخيم هاجس الأمن.
الأكيد ان تصرفات النظام السوري حتى الآن، تثير المخاوف. لكن الأمل أن تدرك دمشق انها تتحمل مسؤولية إقليمية ومذهبية وتاريخية. والرئيس بشار الأسد ليس مسؤولاً عن نظام بلد فحسب، بل عن شمل أمة، وسلامة منطقة، والشاعر الشعبي السعودي يقول: «وان شلت حملك على كتوفك… بتموت محد ترى يمك».

السابق
هل بدأت الثورة تدق أبواب الشام؟
التالي
سباق الضاحية في النبطية بمشاركة 64 مدرسة