إسقاط الطائفية بين رقص الشباب..وحنجلة السياسيين

(خاص الموقع)

"الشعب يريد إسقاط النظام"، شعارا تردد في الآونة الأخيرة بشكل كبير، مسقطاً أكثر الأنظمة العربية ظلماً وديكتاتورية، من تونس ومصر إلى كلّ من اليمن وليبيا وغيرها … وصولاً إلى لبنان.

وانتقال "حلم" إسقاط النظام إلى لبنان أعاد أحلام تغيير النظام الطائفي اللبنانية، وإلغاء المحاصصة السياسية، إلى واجهة المشهد السياسي. وكما جرت العادة يأخذ التحرك على الأرض طابعاً مميزاً ومختلفاً عن أشباهه في الدول العربية.

هكذا حمل الشباب والشابات لافتات كتبوا عليها ما يطمحون إليه، من إسقاط النظام الطائفي إلى العلمانية إلى غيرها من الشعارات المشتتة والعشوائية، والمنفرة للبعض، في بعض الأحيان، خصوصا لمن يفصل بين النظام الطائفي وبين الطائفية.

على سبيل المثال لا يربط كثيرون بين شرب الكحول والسهر وبين أن نصبح دولة علمانية، كذلك ليس من الضروري الرقص والغناء في ساحات بيروت على أنغام "الدربكة " ليكون الراقص لاطائفيا. والأكيد أن جلوس الفتيات على أكتاف الشبان لن يقنع أصحاب القرار بضرورة الإجتماع وإعطاء هذا التحرّك الأهمية الكبرى، خصوصا أنّ مطالب الشعب تختلف حالياً عن الحراك السياسي الحاصل والانقسام والاختلاف في تسمية الوزراء للوصول إلى صيغة نهائية لتشكيل حكومة جديدة!!

بعيداً عن المشهد الضعيف التنظيم في تظاهرات "إسقاط النظام الطائفي"، وما تتركه من خوف، لدى العلمانيين، من أن تضيّع أهدافها وتذوب بين الهرج والمرج والتسلية، نرى أن هنالك إهتماما غير مسبوق من قبل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، لدعم هذا التحرّك وتغطيته.

واستطلاع آراء سريع أجراه موقع "janoubia" بيّن تعاطف النخب، من دون "تورّط" فعليّ في التحركات. على سبيل الدردشة قال الكاتب في جريدة "المستقبل" وتلفزيون "أخبار المستقبل"، فيصل سليمان لموقع "janoubia" إنه يقف إلى جانب الشباب: "أنا أؤيد بالمطلق الشعار الذي أطلقه هذا الجيل من الشباب، الواعي لتصحيح أخطائنا السابقة"، وأكمل: "لا شيء مستحيل ويمكن أن يحدث التغيير إذا ما دافع كل من موقعه عن هذا التحرّك".

أما نائب الأمين العام لـ"الحزب الشيوعي اللبناني، سعد الله مزرعاني، فصرّح لموقع "janoubia" أن هذا التحرك قد "تأثر بعاملين هما: الإنتفاضات في الدول العربية وضغط الأزمة الداخلية التي تؤثر سلباً على إيجاد فرص عمل للشباب، وتجبرهم على السفر للعمل وتحسين أوضاعهم الإقتصادية خارج وطنهم".

وأكد مزرعاني أنّ "العفوية تميّز التحركات، لذا يغيب التنظيم بمعناه الفعلي، فالتحركات جاءت نتيجة نقاشات على موقع الشبكات الإجتماعية، أهمها الـ"facebook"، وأضاف: "هذه الحركة تحتاج إلى أن تحافظ على طابعها العفوي بعيداً من السياسة والأحزاب، وهي تحتاج إلى أن تأخذ شكلاً من التنظيم لكي تتوسع وتنتقل إلى المناطق اللبنانية البعيدة عن العاصمة، على أن تحدّد أولوية برامجها وصيغ تحركها ليصبح التحرّك أكثر فعالية"، وتابع مزرعاني المتحمّس، هو العلماني القيادي في أكثر الأحزاب علمانية وعراقة في لبنان: "الشباب الآن في صدد العمل على تعبئة الجمهور في المناطق لتصل فيما بعد التحركات إليهم، ويعملون على التنظيم بشكل أكبر في بيروت".

ورداً على تصريح عضو كتلة "المستقبل"، النائب عاطف مجدلاني، الذي شكّك في حديث لجريدة "صدى البلد" بتوقيت هذا التحرّك وأهدافه السياسية، علق مزرعاني قائلاً: "سلامة قلبه، هذا كلام معيب، وعليه أن يخجل منه، وأتمنى عليه أن يعود إلى تاريخه اليساري وأن يبتعد عن الأفكار الإنقسامية التي تعيق تطوّر البلد ووحدته على المستويات كافة، الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية"، وختم: "الوضع اللبناني ما عاد يحتمل، ومواجهة الافكار الإنقسامية تتم عبر التصميم وتوحيد الشعارات ورفض أي إستغلال حزبي أو سياسي لهذا التحرّك العفوي والضروري لإنقاذ لبنان".

أما الكاتب والمعلٌّ السياسي، ومسؤول العلاقات العامة في تلفزيون "العالم"، فيصل عبد الساتر، فقال في حديث لموقع "janoubia"، إنّ "التحرك هذا محمود ولا بدّ منه منذ زمن بعيد"، وأكدّ على تخوفه من أن "يصطدم هذا التحرك بعقبات كثيرة بسبب الإنقسام السياسي الحاصل على مستوى المؤسسات والشخصيات السياسية وعدم وجود حكومة، الأمر الذي قد لا يعطي الوقت الكافي للإهتمام بهذا التحرّك".

ورداً على المواقف السياسية المشككة قال عبد الساتر: "إلى الآن لا يوجد رأي لقوى 8 آذار تعارض هذا التحرّك، ومن المؤكد أنه سوف تزيد حالة الإعتراض على أي تحرك مع الأسف في كل مرة يظهر بصيص أمل للتغيير، يخيف الطائفيين ويصطدم بالجدار الطائفي".

واعتبر عبد الساتر أن هذا التحرك هو "نتيجة تراكمات بدأت منذ صدور اتفاق الطائف، وهو يحتاج إلى الوقت والترحيب من قبل الأطراف السياسية كافة لإنهاء الصراع القائم".

هكذا لا يجرؤ أحد على "معارضة" التحرّك "اللاطائفي". بعض من يحملون "هواجس" سياسية منه يقذفونه بحمم بسيطة، لكنّ الموقف الرسمي للقوى الأساسية لم تجرؤ، حتى الآن، على "مواجهة" المتحرّكين الحالمين بالتغيير المدني في لبنان.

والشعب الذي يريد إسقاط النظام الطائفي والفساد الإقتصادي من النفوس والقوانين، يحرج الطبقة السياسية التي يدّعي أطرافها كلّهم أنّهم مع هذه المطالب وأنّها جزء من أجنداتهم الحزبية والسياسية.

ببساطة، أمام هذه المعطيات، ما الذي يمنع التغيير؟

إنّه سؤال أكبر من التحرّك وأكبر من نصّ في وسيلة إعلامية.

السابق
“الجماعة الإسلامية” و”المستقبل”: للإسراع بإخراج البلد من المراوحة
التالي
عمليات نصب خلوية تغـري بجـوائز أو بالجنس