عن هموم حاصبيا ومرجعيون

يكثر الحديث في هذه الآونة عن التنمية أو الإنماء المتوازن … وأي باحث أو ناشط إجتماعي يرغب في دراسة الواقع الإنمائي في منطقة مرجعيون وحاصبيا لا بد له من دراسة الواقع التاريخي والجغرافي لهذين القضائين، إضافة إلى تحليل المقومات المادية والبشرية الأساسية اللازمة في عملية التنمية المستدامة .
فموقع هذه المنطقة على الزاوية الجنوبية الشرقية من لبنان، في المثلث اللبناني السوري الفلسطيني، يسمح باستنتاج قهرين:
الأول يتجلى بالعسف والهمجية الإسرائيلية من عام 1948 وحتى يومنا هذا، والثاني تجلى في المعاناة التاريخية نتيجة الأهمال الرسمي وسياسات الحكومات المتعاقبة، إن كان عن قصد أو غير قصد.
وتأكد ذلك من خلال الدراسات والتقارير التي صنفت قضاء مرجعيون وحاصبيا بين الأقضية الأكثر فقراً في لبنان، والأخطر في الموضوع أن قسما من هذه الأراضي في مزارع شبعا ما زال تحت الإحتلال الاسرائيلي، والعدو يطمع بالمياه التي تختزنها هذه المنطقة، وفي الوقت نفسه لم تقم الدولة بواجبها كاملاً تجاه هذه المنطقة وإحتياجاتها.
لكن لهذه المنطقة مقومات نهوض، أهمها إقتصادي، بسبب وجود مساحات واسعة من الأراضي تقدر بحوالي 50 ألف هكتار ترتفع عن سطح البحر إبتداءً من 350 م وتصل إلى 2800 م، ما يؤهلها لإنتاج مختلف النتوجات الزراعية، إلى جانب وجود سهول داخلية مثل سهل مرجعيون وسها الماري، وتوفر مخزون من المياه الجوفية هو الثاني في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى مياه الأنهار والينابيع والثلوج معظم أشهر السنة على قمة جبل الشيخ.
وعلى المستوى الإجتماعي تعتبر المنطقة صورة مصغرة عن الواقع اللبناني بسبب وجود مختلف مكونات المجتمع اللبناني الديني. كما يتمتع أبناء المنطقة بقيم وطنية جعلتهم يدفعون ثمن مواقفهم شهداء ومعتقلين ومبعدين وجرحى في مواجهة الإعتداءات الإسرائيلية. ويشهد المراقبون على أنّ أهل المنطقة أقلّ تعصبا وفئوية من غيرهم، وقدّموا ويقدّمون طاقات علمية في مختلف الإختصاصات.
لكنّ أهل المنطقة مظلومين بسبب انخفاض نسبة الأراضي المروية رغم وفرة المياه، والإفتقار إلى الخطط والخبرات الزراعية، وغياب الترويج والتسويق وضعف القطاع التعاوني ومحدودية عمل المشروع الأخضر والإستصلاح الأراضي وغياب مصانع الإنتاج الزراعي، وضعف الثروة الحيوانية.
وتبرز التحديات في الإستفادة من مياه الأنهار والمياه الجوفية، على أمل استكمال مشاريع الري عن طريق استجرارها من بحيرة القرعون، بدل أن تذهب هدراً إلى البحر أو أن تبقى هدف للعدو الإسرائيلي. كما بات ضروريا استكمال شبكة الأوتوسترادات التي تربط قضاءي حاصبيا ومرجعيون ببقية الوطن، إضافة إلى شبكة الطرقات الداخلية المتعبة. ولا بدّ من الإسراع في تنفيذ شبكات الصرف الصحي كي لا تتفشى كوارث بيئية من خلا تلوّث المياه الجوفية أو مياه الأنهار، إضافة إلى تشويه الطبيعة وتفشّي الأمراض.
وبالطبع لا بدّ من إعادة النظر بالشبكات القديمة المهترئة وإجراء الفحوصات بشكل دوري لمصادر المياه والخزانات ومدى ملائمتها للمواصفات الصحية. كما أنّ قضايا التعليم والتأهيل والتدريب والصحة المجتمعية تحتاج إلى إعادة نظر، كذلك دور مراكز الشؤون الإجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني وأهدافها. والأهمّ أنّ المنطقة تعاني من ضعف المدارس الرسمية ما يجعل أعداد الطلاب في تناقص مستمر، كما أنّه لا يوجد أيّ فروع للجامعة هنا!!
وفي موضوع الصحة تعمل في القضاء ثلاث مستشفيات، بشكل خجول، وهي لا توفر كافة الخدمات الصحية. كما أنه، وبعد سنوات على استكمال بناء مستشفى شبعا، الثالث في التعداد، لم يوضع بخدمة المرضى بعد نتيجة الخلافات على إدارته.
أمام هذا الواقع يبقى علينا طرح الأسئلة التالية:
هل يمكن لمنطقة مرجعيون وحاصبيا مواجهة كل الصعوبات والتحديات التي ما زالت تعانيها منذ الإحتلال الإسرائيلي، حتى بعد مرور أكثر من 11 عاما على التحرير؟ وكيف ستواجه تحديات جديدة متمثلة بإحتمال عدوان إسرائيلي جديد على لبنان من جنوبه ؟؟
وهل ستكون على خارطة الحكومة المقبلة؟

السابق
قبلان: تأجيل تشكيل الحكومة ليس لمصلحة لبنان
التالي
آل الأمين… جددوا ويُجددون