حماية الغابات لمعالجة ندرة المياه

تتوقع الأمم المتحدة أن يعاني ما يقارب 1,8 مليارشخص يعيشون في مناطق مختلفة من ندرة مطلقة في المياه في عام 2025 وقد يواجه ثلثا سكان العالم ظروفاً قاسية من جراء هذا الوضع. ودعت المنظمة في مناسبة اليوم الدولي للمياه إلى حماية الغابات اذ انها تستطيع تخزين المياه كما تلعب دورا هاما في توفير مياه الشرب لملايين الناس في مدن العالم الكبرى. وفي ضوء هذه الحقيقة، وجه أعضاء الشراكة التعاونية المعنية بالغابات، وهي منظمات دولية تهتم بالغابات، دعوة إلى الدول الأعضاء لإيلاء المزيد من الاهتمام لحماية الغابات وإدارتها من أجل توفير المياه النظيفة.
وقال ادواردو روخاس – بريالس، مساعد المدير العام لإدارة الغابات في منظمة الأغذية والزراعة (فاو)، "تشكل الغابات جزءا من البنية التحتية الطبيعية في أي بلد، وأنها ضرورية لدورة المياه". وأضاف "فهي تحد من آثار الفيضانات ومنع تآكل التربة وتنظم المياه الجوفية وتؤمن المياه ذات الجودة العالية للأشخاص والزراعة والصناعة."

تعتبر الغابات في معظم الحالات الغطاء الأرضي الأمثل لتخزين المياه وتوفير مياه الشرب. توفر المياه الحرجية نسبة عالية من المياه لتلبية الاحتياجات المنزلية والزراعية والصناعية والبيئية. يذكر أن الأمم المتحدة أعلنت عام 2011 السنة الدولية للغابات، وهي توفر فرصة فريدة لزيادة الوعي بقضايا تتصل بالغابات مثل العلاقة بين المياه والتربة والغابات، بالإضافة إلى التحديات التي تواجه العديد من الغابات في العالم والسكان الذين يعتمدون عليها وتأثيرها على نوعية حياة الناس وسبل عيشهم وأمنهم الغذائي. وأقرّت أيضا المنظمة بأن الغابات والإدارة المستدامة للغابات يمكن أن تساهما كثيرا في تحقيق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر وبلوغ الأهداف الإنمائية للألفية المتفق عليها دوليا، ومنها الهدف السابع وهو كفالة الاستدامة البيئية. وهو يشمل تعزيز مساحة الأراضي المغطاة بالغابات وتخفيض نسبة الأشخاص الذين لا يمكنهم الحصول باستمرار على مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي الأساسية إلى النصف بحلول عام 2015. وعلاوة على ذلك، تساهم الغابات والأشجار في الحد من المخاطر المتصلة بالمياه مثل الانهيارات الأرضية والفيضانات المحلية والجفاف وتساعد على منع التصحر وتملّح التربة.

ووفقا للمعلومات المتوافرة، لا يقل عن ثلث أكبر مدن العالم، مثل نيويورك وسنغافورة وجاكرتا وريو دي جانيرو وبوغوتا ومدريد وكيب تاون تستمد جزءاً كبيراً من المياه الصالحة للشرب من المناطق الحرجية. وإذا ما استخدمت بشكل صحيح ، يمكن أن توفر مناطق تجميع المياه الحرجية حلا جزئيا للتجمعات السكنية التي تحتاج إلى المزيد من المياه أو مياها أكثر نظافة.
وتشكل حماية التربة والموارد المائية الهدف الأساسي لإدارة نسبة 8 في المائة من غابات العالم. كما حُدد نحو 330 مليون هكتار من الغابات للحفاظ على التربة والمياه، وللسيطرة على الانهيارات الثلجية، وتثبيت الكثبان الرملية، ومكافحة التصحر أو حماية السواحل. كما زادت مساحة الغابات المخصصة لمهام الحماية بنسبة 59 مليون هكتار بين عامي 1990 و 2010، ويعزى ذلك أساسا إلى التشجير على نطاق واسع في الصين بهدف مكافحة التصحر وحفظ موارد التربة والمياه وغير ذلك من أغراض الحماية.
واكتسبت المواضيع التي تعالج علاقة الغابات والمياه الاهتمام الدولي في السنوات الأخيرة. وتم تنظيم العديد من المؤتمرات والنشاطات ذات الصلة بين عامي 2008 و 2010، كل واحد منهم يبحث في قضايا المياه والغابات من منظور مختلف. واستنادا إلى نتائج هذه الاجتماعات، يجري حاليا وضع مجموعة من الاجراءت العملية بشأن الغابات وإمدادات المياه لكي يستفيد منها صانعو السياسات والتقنيون.

ويتواصل العمل أيضا على مستوى تنفيذ مجموعة من المشاريع، خاصة مشاريع المجاري المائية عابرة للحدود. أحد الأمثلة البارزة هو المشروع الإقليمي للإدارة المتكاملة للموارد الطبيعية في مرتفعات فوتاجالون. وقد بدأ العمل في هذا المشروع الممول من مرفق البيئة العالمية في عام 2009 ومدته 10 سنوات، ويشترك في تنفيذه الاتحاد الأفريقي ومنظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. ويشمل هذا المشروع ثمانية بلدان في غرب أفريقيا، هي غامبيا وغينيا وغينيا – بيساو ومالي وموريتانيا والنيجر والسنغال وسيراليون. وثمة عنصر هام في المشروع، هو التخفيف من أسباب تدهور الأراضي وآثاره السلبية، من خلال إنشاء إطار قانوني مؤسسي إقليمي وتوفير الدعم للتعاون الإقليمي في مجال إدارة الموارد البشرية عبر الحدود. ويهدف المشروع الى تحسين سبل العيش المحلية والموارد المائية، و ضمان الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية من خلال استعادة الغطاء الحرجي.

السابق
“لا جريمة منظمة في الجنوب”
التالي
أفكار.. تطلق الشباب إلى سوق العمل