تساؤلات إسرائيلية عن تظاهرات سوريا

حظيت التظاهرات التي شهدتها مدينة درعا السورية باهتمام المراقبين في إسرائيل نظراً لدلالاتها الخطيرة، ولا سيما في ضوء التطورات التي تشهدها العديد من الدول العربية في الأسابيع الأخيرة. وفيما لم يخف العديد من المراقبين حماستهم لانتقال موجة الاحتجاجات والتظاهرات إلى مدن سورية أُخرى، على أمل حصول تغيير جوهري في طبيعة النظام السوري، فضّل آخرون إثارة عدد من الأسئلة ذات الطابع السياسي والعسكري، التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمآلات الوضع في سوريا والتأثيرات المحتملة لأي تغيير على إسرائيل. في هذا السياق، توقف المحلل السياسي في صحيفة «هآرتس»، ألوف بن، عند ما سماه موجة التظاهرات التي حصلت في الأيام الأخيرة في سوريا، فرأى أن هذه التظاهرات تقرب «الثورة العربية من الحدود الإسرائيلية»، بحكم الموقع الجغرافي لمدينة درعا. وتطرق إلى إمكان فشل الحكم في سوريا في وضع حد للتظاهرات، فقال إن امتدادها من الجنوب إلى مدن أُخرى، سيحمل في طياته تغييراً استراتيجياً عميقاً.

وفي إشارة إلى مغزى التغيير العميق المتوقع، لفت بن إلى أنه «إذا سقط بشار الأسد من الحكم، فستدخل إسرائيل في حال من اللايقين». وبحسب كلامه، فإن حال اللايقين هذه تجد تعبيراً لها في جملة من الأسئلة، أهمها: «من سيسيطر على مخزون صواريخ السكود مع الرؤوس المتفجرة الكيماوية؟ من سيقود الجيش على جبهة الجولان؟ هل سيكون ورثة الأسد أكثر انفتاحاً على الغرب وإسرائيل، أم على العكس، سيحاولون تصعيد حدة المواجهة لنيل مشروعية داخلية وإقليمية، كما فعل النظام القائم؟ وإذا ما فشلت الثورة، وبقي الأسد على كرسيه، فهل سيجرب من جديد عملية السلام للحصول على هضبة الجولان من إسرائيل، كبوليصة تأمين لبقائه؟ هل سيكون هناك معنى، بالنسبة إلى إسرائيل، في استمرار المفاوضات والاتفاقات مع حاكم من شأنه أن يسقط؟». ورأى أنه في كل واحد من هذه الاحتمالات تكمن مخاطر وفرص لإسرائيل.
وأعاد بن إلى الأذهان تاريخ «العلاقات المركبة» التي أدارتها إسرائيل مع الرئيس حافظ الأسد ومع ابنه بشار، فلفت إلى أن النظام السوري رفع راية «المقاومة» وسعى إلى تحقيق توازن استراتيجي مع إسرائيل، وفي الوقت نفسه مثّل مرساة مستقرة للنظام الإقليمي وشريكاً لعملية السلام. وتطرق إلى العلاقة بين سوريا وإيران، فتوقف عند الحلف الذي أنشأه الأسد الأب مع إيران، الذي كان موجهاً «في البداية ضد العراق»، لكنه «طُوّر على يد ابنه إلى محور استراتيجي بلغ ذروته بالسيطرة على لبنان وغزة وإخراج تركيا من الدائرة المقربة من إسرائيل».
وإذ أثنى بن على الرئيس بشار الأسد لأنه «ظهر كدبلوماسي ناجح، صمد في وجه المعارضة الأميركية لحكمه أيام الرئيس جورج بوش»، إلا أنه أضاف أنه في نظر إسرائيل «الميزة الكبيرة لنظام الأسد كانت في غياب الجرأة لديه وميله إلى الامتناع عن المخاطر وعن المواجهة المباشرة. فردوده كانت متوقعة ومنحت إسرائيل حرية العمل، الأمر الذي بلغ أوجه في قصف المفاعل النووي الذي بُني سراً شمال شرق سوريا، في أيلول 2007».

السابق
“جماليات الخطّ العربي” في صيدا
التالي
تهديد