نداء باسم العدالة والحرية..ضد الطغاة

نحن مواطنات ومواطنون لبنانيون
محبون للسلام والعدالة والحرية
محبون للصداقة والأخوة والتعاون فيما بيننا
والاختلاط ونسج العائلات المشتركة.
نحن مجموعة عابرة للحقد، عابرة للعنف، عابرة للطائفية.
قرّرنا أن نرفع صوتنا عاليًا بعدما صمتنا،
قرّرنا أن نـُوجَد بعد أن غـُيـّبنا،
ونعترف أننا المسؤولون الأوَل عن غيابنا.
قرّرنا أن نستنهض من أعماق أعماقنا هويتنا الحقيقية الإنسانية التي طمستها ضوضاء التحريضات والمعارك المزورة.
هويتنا الأصيلة، هوية الخير والطيبة والمحبة،
لن نقبل بعد اليوم إلا أن نكون. بكل ما للكينونة من معنى.
أن نكون أو لا نكون. نعم . لم يعد قول شكسبير مثالاً عظيمًا نحتذي به فحسب، بل أمسى واقعًا فعليًا.
فنحن مهدّدون بوجودنا الجسدي، فرديًا وجماعيًا، بصحتنا العقلية، بفقر متفاقم، برصاصة طائشة أو غير طائشة…
وسنكون، ليس متلقـّين ومنفـّذين بل فاعلين ومبادرين.
سوف نكرس انتماءنا الوطني المواطني الذي حوّره القادة الطائفيون، جميع القادة.
سوف نصون سلمنا الأهلي ونشكـّل سدًا منيعًا أمام الفتنة
التي يهدّدنا قادة الحروب بافتعالها في كل لحظة. كل القادة.
سنسعى بكل ما أوتينا من طاقة لتحقيق حلم لطالما تاقت إليه البشرية، حلم العدالة لكل عضو في هذا المجتمع، بعدما بلغ التفاوت الاجتماعي لصالح أقلية حدًا لا أخلاقيًا
وأمسى الظلم مستبدًا والفقر مذلاً.

سنعيد القرار إلى موقعه الأصلي، مصدر القرارات والسلطات، إلى الشعب اللبناني، بعدما احتكرته أقلية وتشبـّثت به مهما كلف الثمن فصاغت القوانين التوريثية وشكـّلت تحالفات الأخصام الانتخابية لمنع موقع القرارعن الشعب اللبناني.
لن نقبل إلا أن نستعيد كرامتنا الجماعية، وسيادتنا الوطنية،
بعدما استـُتبعنا لجهات خارجية، ولا نستثني أيّ جهة.
اسمهم: «تحالف طائفي»
إننا ندعو الشعب اللبناني للنهوض. لا عنفيًا بالطبع.
ندعوه للمبادرة قبل أن تسبقه الفتنة مثل كل مرة، فيصبح قابعًا في الملاجئ أو على قوائم انتظار الهجرة.
لن نبالغ إن قلنا إننا في سباق مع الموت.
إن اندلعت الحرب هذه المرة، سيبلغ جنونها أضعاف أضعاف الحروب السابقة.
فالأطراف التي تهدّد بعضها بعضًا، وهي في الواقع تتهدّدنا، تملك قوة تدميرية
كافية لتدمير لبنان بأسره.

أيها الشعب اللبناني،
لقد فشل «التحالف الطائفي»، أهل النفوذ والحكم، وبكل مكوّناته، في إدارة البلد وفي الميادين كافة.
فشل هذا التحالف اقتصاديًا، والدَين العام المتزايد شاهد على ذلك.
فشل اجتماعيًا، فالفقر يتفاقم والتفاوت يكبر والعدالة تتناقص.
فشل أمنيًا، فالأمن يتدهور يومًا بعد يوم.
فشل وطنيًا، مع استعار المناخات الطائفية والمذهبية.
فشل في تأمين السلام والاستقرار، إذ بين لحظة وأخرى قد تندلع فتنة.
فشل سياديًا، فالقرار الوطني ليس بيده ويتعرّض لضغوط يومية من أطراف خارجية شتـّى.
وكأن الشعب اللبناني في إقامة جبرية داخل حجرة صحية، حيث القادة على حافة الجنون والمواطنون على حافة الهيستيريا.
قادتنا بحاجة إلى إنقاذ.
هم متوتـّرون، خائفون، حائرون، مذعورون،
مختبئون تحت الأرض، وراء الجدران، خلف الزجاج السميك الأسود، بين رجال الأمن واستخبارات الدول… هم بحاجة إلى إنقاذ.
هم لا يثقون ببعضهم بعضًا، حتى إنهم لا يثقون بأحد. فالحرب، ليس أنها لا تعلّم حب الأعداء فحسب، بل تعلـّم كره الحلفاء. وحين تـُبسَط الرايات، ينحصر الذكاء في طرف البوق.
لا شك أنهم في ورطة عميقة.
تراهم وكأنهم لا يتحكمون بسلوكهم، وكأن هناك نزعة جارفة أقوى من إرادتهم تسيطر عليهم وتشدّهم نحو هاوية، وبطريقهم شعب بكامله.
نزعة للسيطرة والانتصار مهما كان الثمن، ومهما كلـّف ذلك من عذابات ومآسٍ وخراب.
لقد انطلقت الحرب في نفوسهم وما هي إلا مسألة وقت حتى تنبثق إلى الخارج
لا شك وبالتأكيد إنهم بحاجة إلى إنقاذ، إلى منقذ.
والمفارقة التاريخية أنه لا يمكن لأحد أن ينقذهم سواكم أنتم أيها الشعب اللبناني.
يبدو للوهلة الأولى أنهم الجلاد وأنتم الضحية. إلا أن العلاقة بين القادة والشعب المطيع هي بامتياز علاقة سادية – مازوشية.
وفي العلاقة السادية – المازوشية ليس هناك من جلاد وضحية بل هناك ضحيتان ومستفيدان.
إنكم تضللونهم، بتأييدكم غير المشروط لهم. إنكم تغرقونهم أكثر فأكثر. إن كان هناك أدنى شك لديهم في صوابية سلوكهم، تَحضَرون عددًا وهتافات وتؤكدون لهم ما ليسوا مقتنعين به بأنفسهم.
العدد يخلق وَهـْم الحق.
كلما اقترن العدد بوَهـْم الحق أنجبا حربًا.
طـُغاة

أيها اللبنانيون، «غول» الحرب يقترب.
قد يعتقد من يـُطلقه أنه يسيطر على الوضع، إلا أنه لحظة ينطلق يمسي الغول سيد الموقف ونصبح جميعًا عبيدًا. هو يدير الأحداث من دون أن يستأذن أحداً.
هو يبدو مناهضًا للتمييز الطائفي، إذ يلتهم أبناء الطوائف جميعًا.
هو يبدو ضد التمييز الجنسي، لكنه يبتلع النساء والرجال.
هو يبدو مع حقوق الأطفال، وإذ به يسلب نفوسهم وعقولهم منذ الصغر بالطائفية والعنف وروح العجز…
أيها الشعب اللبناني، أنتم القوة الأصلية التي من دونها لا يملكون قوة.
أنتم السلطة التي من دونها لا يملكون أي سلطة. أنتم أوصلتموهم إلى مناصبهم، أنتم تدفعون لهم رواتبهم، أنتم تنفذون خططهم.
إنهم يدركون تمامًا، أكثر منكم، هشاشة سلطتهم في حال حرمتموهم من دعمكم.
(…)

اسحبوا أيها اللبنانيون دعمكم لهم!
لا تدعوهم يتكلمون باسمكم
لا تتجاوبوا مع نداءاتهم لتجمعات التحريض العنفي والطائفي.
أيها المثقفون لا تمنحوهم معرفتكم.
أيها الفنانون لا تغنـّوا أعمالهم.
أيها المحللون لا تزودوهم بتحليلاتكم.
أيها الشباب المزوّدون بالسلاح لا تطيعوا أوامرهم بإطلاق النار على إخوتكم اللبنانيين…
لم تعد المسألة مسألة خلافات على شؤون ثانوية
لم تعد مسألة محكمة أو شهود زور، أم 8 أم 14،
أو بناء دولة أو دويلات، أم فساد وإصلاح.
باتت مسألة حياة أو موت للشعب بكامله.
قوى موت بمواجهة قوى موت
إنكم تتحملون مسؤولية مباشرة عن كل ما سيحدث
إمسكوا مصيركم بيدكم.
في عهدتكم مهمتان، الأولى ردعية والثانية إنقاذية.
من واجبنا أن نردعهم ومن واجبنا أن ننقذهم وأن ننقذ أنفسنا.
إن الأطراف المتصارعة أمامنا هي قوى موت في مواجهة قوى موت.
في الخطاب موت، في المفردات موت، في الملامح موت، في النبرة،
في حركة اليد، في المضمون، في الاستراتيجيات، في التكتيكات…
يسوقوننا كالخراف إلى المسلخ ونحن نهلل: يحيا الموت.
والصرخة هذه ليست محصورة في لبنان. إنها للأسف صرخة كونية.
إنها صرخة العجز الجماعـية المـشتركة لجميع الشعوب وجميع الحروب
وقد عبـّر عنها الأديب «جوليان غرين» بلغة أدبية رائعة قائلاً:
« أعرف أننا لا نمثل سوى القليل القليل في هذا الكون، أعرف أننا لسنا شيئا على الإطلاق ، لكن أن نكون لا شيئ إلى هذا الحد أمر يسحق ويطمئن في آن .كيف يمكننا أن نتعلق بأي شيئ مهما كان؟ في هذه الفوضى العارمة من الأوهام التي قـُذِفنا داخلها، يبقى أمر واحد حقيقي: الحب. والباقي كله عدم. ننحني على غور أسود سحيق ونخاف».
ونحن نردّد مع «غرين»: يبقى أمر واحد حقيقي: الحب والباقي كله عدم.
يا قادة الحرب في لبنان أعلنـّا الحب عليكم.

السابق
هل الجيل الجديد غير مذهبي؟
التالي
النبطية الفوقا تغط بدخان حرائقها