سوريا بين ازمتي الداخل والخارج

لم تكن مصادفة ان يزور اللواء رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء محمد مراد موافي سوريا في نفس الوقت الذي وصلها نجل الملك السعودي الامير عبد العزيز . شكلت التطورات الحاصلة نقطة التقاء احيت امكانية تشكيل مظلة موحدة للحد من الوضع المتأزم في المنطقة العربية . اراد موفد المجلس العسكري المصري اعادة فتح صفحة جديدة مع مصر، فيما كانت السعودية تودع القيادة السورية رسالة شديدة اللهجة موجهة الى طهران تقول "رغم كل ما يحصل في البحرين فمن غير المسموح دخول ايران الى دول الخليج . واذا كانت ايران حاصرت قضية فلسطين في الماضي فتدخلها في الخليج من خلال البحرين مستحيل ".
ابلغت السعودية سوريا انها تنوي زيادة الحشود العسكرية في البحرين "حتى ولو فاق عدد العسكر قدرة البحرين على التحمل وانها اعلنت من خلال هذا البلد حربا خليجية على طهران كي لا تتكرر سابقة التدخل في شؤونهم ".
تبلغت طهران الرسالة عبر وزير الخارجية السورية وليد المعلم الذي عاد باجواء ليست مريحة على الاطلاق بدليل التصريح العالي اللهجة للسيد علي خامنئي الاخير والذي عبر من خلاله على احقية الشعوب في مواجهة انظمتها .
مطلوب من سورية ان تلعب دورا ان تلعب دورا بين طهران والسعودية وان تبدد المخاوف من تنامي الدور التركي في المنطقة العربية في وقت افرزت التطورات الداخلية في سورية خلطا للاوراق حيث تتعاطى قيادتها مع ما يحصل بجدية بالغة وهي تسعى الى تطويقه بجملة اصلاحات مهمة. وعلى رغم اهمية ما تشهده الدول العربية الاخرى غير ان لسوريا واقعا مختلفا يملي قراءة اي تطور تتعرض له على مستوى وضعها الداخلي من منظور مختلف، فهي الدولة العربية الممانعة في وجه اسرائيل والوحيدة المتفلتة من السيطرة الاميركية على المنطقة العربية .
ليس من السهولة بمكان مقابلة اي شخصية سورية في الوقت الحاضر ، فالقيادة السورية كما المؤسسات الحكومية على اختلافها مستنفرة في مواجهة الازمات الداخلية والخارجية . اقلقتها تلك الاشارات التي رصدتها منذ فترة للعب على الوتر الطائفي في سوريا بهدف النيل من النظام .
لم تبد ارتياحا لحركة السفير الاميركي القادم حديثا الى اراضيها ، ولم ترق لها حركة احتجاج طلابها في لبنان على سوء معاملتهم في الجامعة اللبنانية . ومن خلال الطلاب الذين استقدمتهم من لبنان سجلت اعترافات بوجود نية تحريضية لدى البعض لتنظيم تحركات ضد النظام من لبنان تواكب تلك المتنقلة في المناطق السورية . وفي احد التقارير التي وردتها من لبنان واحد تضمن كلاما لسياسي بارز في 14 آذار يقول فيه ان "تحييد سوريا عن خطابات هذا الفريق السياسي كان متعمدا افساحا في المجال امام انجاح حركات الاحتجاج الداخلية وهناك في سوريا من لم ترق له الاحتفالات التي شهدتها عاصمة الشمال التي تشكل منذ زمن طويل مصدر قلق بالنسبة للجار السوري من ناحية تنامي الحركات الاصولية فيها على مرأى ومسمع قادة الامن في لبنان ".
تعتبر سوريا انها تواجه وضعا اصعب من ذلك الذي واجهته في العام 2005 ، فمعركة اليوم سلاحها الفتنة المذهبية الداخلية وهو سلاح فتاك .في الماضي كان الهدف النيل من رأس سوريا للقضاء على حركات المقاومة، اما اليوم فالمخطط معكوس يقوم على التحريض الطائفي من اجل النيل من المقاومة التي تشكل العمود الفقري لسوريا في مواجهة اسرائيل واميركا.
يدرك الجميع ان موجة التحريض المذهبي التي تلوث الثورات الشعبية وتكاد تقضي عليها هي شرارة لن تنجو منها اي دولة عربية بما فيها لبنان الذي كان وضعه ولا يزال على كف عفريت . وان تتوسع حركات الاحتجاج في سوريا فمعنى ذلك اننا لن نكون على خير ما يرام في لبنان، وإذا ارادت ايران الرد على ما يحصل في البحرين فمن غير المعروف بعد على اي جبهة سيكون ردها، في العراق او لبنان او داخل غزة ؟ وماذا اذا اتسعت رقعة التباين الايراني السوري على خلفية الوضع في العراق؟
إزاء كل ما يحصل من حولنا ومقارنة مع واقعنا السياسي في لبنان نبدو كأننا في واد والآخرون في واد آخر والاتكال دائما على الله.

السابق
الان عون: التصويب على مساعي تشكيل الحكومة لن يحقق شيئا
التالي
تجدّد الصدامات بين قوات الأمن السورية ومواطنون من درعا