حانوت الدين

لأنّك تغادر باكراً قبيل الصلاة وانعقاد الزهر وقبل أن يغادر الطير ركن القش… أوصيك أن تبقى قليلاً أن تغمض عينيك المفتوحتين على غابات من الكوابيس وأن تستعيد بعضاً من أحلامك القديمة يوم كنت طفلاً تلاعب النهار بكرة الوقت. وتصنع الأفخاخ لتصطاد عصافير الشوك والتيّن والزيتون والدورّي على السطوح بدلاً من أن تصطاد بأفخاخ الدّين الأقارب والأصدقاء وبسطاء المسلمين تعال… أو ارحل يا صاحباً ينام في قلبه ألف عدو. عجبت كيف يقتل أصحابه ويشيّع جنائزهم ويذرف دموعاً ويلطم على جبينه التراب بعد أن حفر لكل واحد منهم قبراً ضيقاً لا يتسع لقامة الصداقة الممتدة بينهما على طول مساحة السوق السياسي والدينّي الذي ظنوا فيه أنّا كنّا نتاجر فيه مع الله تجارة تنجينا من عذاب أليم.هذا علي بن أبي طالب (ع) وسيف العدل في يده وهو الثائر من أجل الانسان تعظيماً لحياته وكرامته والذي زوّر تجّار العبادات ارادته لمنافعهم القائمة على حساب النّاس وهو الذي صبّ على المستغلين منهم والمتخمين حولهم من حواشي وغواشي وزمراً. وأعداء الشعب المتآمرين على لقمة الفقير والذين يظلمون العاملين والحصّادين. هذه اللعنة الأبدية الآكلة إذ حدّق في لحاهم الطويلة التي تحركت في أطرافها ذنب الشيطان وتغرسّت في وجوههم المسلوخة والكئيبة بذور الحقد وسحنات البغض والنفور التي لا تخفيها كل تلك الأقنعة المنمّقة والمطليّة بماء الهيبة والوقار وإن نُزّل منزلة المفتي المقدّس والطقس المعبود والذي عبّر عنهم (ع) "تجد الرجل لا يخطئ بلامٍ ولا واوٍ خطيباً مُصْقِعاً وقلبه أشد ظلمة من الليل المظلم". وتلك العباءة التي يغطون بها القذارة في دكاكينهم المفتوحة ليلاً ونهاراً. وتشعر بأنهم أقرب الأقرباء الى صنم من أصنام مكة رغم الفارق الواضح بين صنم يأكله صاحبه عند الجوع وبين صنم يأكلهم وهو متخم وهم يؤدون له عبادة الصباح والمساء. انهم أصحاب العباءات الفضفاضة وأصحاب الأقوال الحكيمة وسجادات صلواتهم لا يغادرون الا عند النوم والنميمة وقد أصبحنا الدخان العابق المتصاعد من سجائر خطاباتهم وامسياتهم ونكهة القهوة في صباحاتهم وعنوان واحد في يوميات صحفهم وصفحاتهم وأعجب لهم بعدها كيف يقرأون الآيات في قرآنهم وكفاهم تجريحاً رحمة بهم من دوران دين ما أظلم منه الا نفسه ورحمة بهم من سماء شاهدة وقد كفانا منهم ومن زمن ظالم . وأيام حاقدة. تغاضيت أبصارهم وحريق كلماتهم ونبالهم وسهامهم وهم يشرعون بين ابناء الوطن الواحد الخيانة والجريمة فليست مهمتهم أن ينظروا الى السماء وحدها ويغضوا الطرف عن الأرض التي يعيشون فيها أو ينظروا اليها من خلال أنفسهم وجوامعهم وكنائسهم ويتعصّبون لطائفة ضد طائفة أخرى . إنما الواجب وقبل كل شيء أن يتخذوا مسحة دينيّة من عمل يؤدى في معبد أو قول في كتاب مقدّس او دعاء يتكرر في الصلوات وايام الصيام اداة توجيه وارشاد الى تعاون جميع الطوائف الذين يجمعهم وطن واحد وأمالٌ واحدة واهداف مشتركة الى تعاون الجميع على تحقيق هذه الآمال والأهداف وان يعملوا على حل ما نعانيه من مشكلات ولا يصح الإغضاء عنها ولا التقصير فيها ، فالشعب الذي لا يتعاون أبناؤه على ازدهاره ورفع مستواه المادي والروحي لا دين له ولا ايمان.

السابق
هل هي الشرارة السورية؟
التالي
الاحزاب والقوى”في النبطية استنكرت الحملة على سلاح المقاومة