“14 آذار” وشعار “لا للسلاح”: ليتصدر “المستقبل” المواجهة!

انقضى نحو اسبوع و«قوى 14 آذار» لا تزال تقرأ في كتاب حشد الاحد في الثالث عشر من آذار، أو اليوم الأول في المواجهة المفتوحة مع السلاح. تبحث عن كيفية صرفه في السياسة وترجمته في خطوات عملية. تكثر النقاشات داخل الحلقات الحزبية الضيقة. تتعدد الاقتراحات وسط «المستقلين» في «14 آذار». لكن حتى اليوم لا تبدو خارطة الطريق واضحة المعالم.
تتفق مكونات «14 آذار» على ان العنوان كان مغريا للناس. فهو يلعب على تماس الخوف والخطر والحلم بدولة. «لا للسلاح» جعلت عشرات آلاف اللبنانيين ينزلون الى الشارع مجددا. اعدادهم كانت اكثر من كافية للمنظمين. فما تأثروا كثيرا بكل محاولات التخفيف من الارقام. لكن ما يقلقهم هو كيفية الابقاء على «جذوة» ذلك الجمهور مشتعلة.

في تقويم مختلف مكونات «14 آذار» ان شعار «لا للسلاح» اعاد جمهورا معينا الى ساحة الشهداء كان قد قاطعها منذ 2005. يتحدث هؤلاء عن «رأي عام مدني لا يبدي اعجابا عاليا بسياسيي «14 آذار» ولا حتى بخطاباتهم، لكنه يملك حساسية تجاه بعض شعاراتها. ولعل موضوع السلاح ابرز تلك الحساسيات».

وهناك من يتنافس على هذا الجمهور داخل الفريق الواحد. يعتبر مسيحيو «14 آذار» «ان الفرق شكلته المشاركة المسيحية. فالاشرفية معيار مهم للحساسية المدنية. وقد شارك منها هذه السنة اشخاص قاطعوا الساحة منذ 2005. وإن التصويب على السلاح خاطب جمهور المسيحيين بمختلف انتماءاتهم وطبقاتهم».

يوافق نواب في «المستقبل» على «استقطاب الشعار جمهورا كان قد انسحب في السنوات السابقة من المشاركة». لكنهم لا يعتبرون ان «هذا الجمهور مسيحي فقط. هو جمهور مديني ومدني صحيح، لكنه من مختلف الطوائف. هؤلاء جاؤوا بمعظمهم من كل بيروت خصوصا من البيروتيين الذين عاينوا بالملموس استخدام السلاح في شوارعهم. لم يأتوا وفودا. نزلوا افرادا والتقوا في الساحة».

التنافس على الجمهور «المحايد» له اسبابه. فهو من تبحث «قوى 14 آذار» عن مخاطبته وابقائه على تواصل معها وعلى استعداد لتبني طروحاتها.
فمناصرو «المستقبل» و«القوات» و«الكتائب» وكل المستقلين في «14 آذار» معروفو الحجم والقدرة على الحشد. وهوى جمهورهم يميل حيث يميل الزعيم من دون جهد كبير. التوجه سيكون على من يدورون في «الفلك الآذاري» انما بـ«المفرق» ووفق ما يقنعهم من شعارات وطروحات وكيفية ترجمتها بالممارسة.
هؤلاء لم تتوصل «قوى 14 آذار» بعد الى كيفية التواصل الدائم معهم وافساح المجال ليجدوا في خطابها مساحة تعبر عنهم ويعبّرون من خلالها. والنقاش جديّ حول الآليات والخطاب المفترض اعتماده.
وفي حين انصرف سعد الحريري بعد مهرجان بيروت، الى الشمال لاستعادة النبض السني و«شدّ العصب»، انهمك آخرون في البحث عن سبل تحويل شعار «لا للسلاح» الى مادة يومية تطيح بما تبقى من هالة لسلاح المقاومة، اضافة الى الاطاحة بالسلاح نفسه اذا امكن.

وفي كواليس النقاش اصلا تباينات في مقاربة الموضوع. فريق ينصح «بالذهاب حتى النهاية واشهار فكرة لا للسلاح ونقطة على السطر. اي لا للسلاح في الداخل ولا لسلاح المقاومة على الحدود. فالمبدأ لا يتجزأ. وبعد الانقلاب الذي حصل لم تعد تنفع المواربة. فالسلاح يشكل خطرا على لبنان وعلى ديموقراطيته وعلى سلمه الاقتصادي والاجتماعي. لذا، فليترك للدولة وقواها العسكرية وجهودها الدبلوماسية خوض معارك الدفاع عن الوطن».

يتبنى فريق من المعارضة الجديدة وجهة نظر اخرى ويدافع عنها. «نحن لا نريد خوض مواجهة مفتوحة مع حزب الله على قاعدة مواجهة اسرائيل. مشكلتنا معه تحوير وجهة سلاحه، وتحويله الى شوارع بيروت. ان المعضلة مع السلاح انه اصبح جزءا من الحياة السياسية، فتقال حكومة وتشكل اخرى، تُعقد تحالفات او تفك، تُفرض اولويات وتلغى اخرى بوحي من سطوة السلاح وحضوره». ويعتبر هؤلاء «ان التصويب على السلاح بالمطلق سيجعلنا بمواجهة مفتوحة مع «حزب الله» وجمهوره وسيعزز القطيعة في البلد ويزيد من حالة التشنج. فلا نعود نعثر على قواسم مشتركة». ويسأل هؤلاء اذا استمررنا بالمطالبة باسقاط السلاح فكيف نقنع جمهورنا بقدرتنا على فعل ذلك؟».

لكل من وجهتي النظر من يتبناها في تيار «المستقبل»، كما من بين المستقلين. اما «القوات» و«الكتائب» فـ«لا»ؤهما جذرية. لكن الحزبين المسيحيين لن يتصدرا «المواجهة المفتوحة مع حزب الله» بحسب ما تؤكد مصادرهما، التي تشير الى «ان رفض السلاح خارج الدولة خيار انتهجناه منذ اتفاق الطائف. سلمنّا سلاحنا ولن نرضى بأي سلاح غير شرعي. هذا ما لن نتوقف عن تكراره والمطالبة به». لكنهما يدركان ان وقع الكلام من «المستقبل» اشد ايلاما و«اكثر فاعلية لما له من اصداء في الداخل كما في الخارج».

وعلى قاعدة البحث حول «كيفية المواجهة الواقعية والعملية» للسلاح، يشدد مسؤول في «المستقبل» على ان «كل خياراتنا سلمية وديموقراطية وقانونية. وان سلوك اي مسلك آخر انتحار. لا ندعي اننا وضعنا خطة متكاملة ومنجزة. انهينا الخطوط العريضة وسنتعاون مع الناس لبلورة التفاصيل». يضيف «سنقوم بما علينا لجهة التنظيم على كل المستويات السياسية والاعلامية. لكن طموحنا ان يعيد الناس ابتكار الوسائل للتعبير عن ارادتهم ببناء الدولة بعيدا عن التسلط والهيمنة. وكما ابتكروا في 2005 لغتهم ونشاطاتهم سيفعلون مجددا الى ان تساعد الظروف على ترجمة المطالب». ولا يجد المسؤول اي حرج في الاعلان «عن الرغبة في ان يسمع كل العالم الحر صوتنا ويتفهم رغبتنا بالسلام والاستقرار، وان يساعدنا عبر الاطر الدولية القانونية والسلمية. فنحن لا نريد اقصاء احد او حزب او طائفة. نريد خروج السلاح من يومياتنا. ولن نخجل او نتعب من المطالبة بالموضوع».

السابق
الغرب والبحرين
التالي
نشاطات وزير الداخلية