موشيه آرينز

يصعب التصديق، ولكن زعماءنا، الذين يفترض بهم المحافظة على أعصاب باردة قوية في حالات الطوارئ، يُصابون بنوبة قلق. المظاهرات الحاشدة في العالم العربي، اعتراف بعض الدول بالدولة الفلسطينية غير القائمة والتصريحات التي صدرت أخيرا، والتي تفيد ان الاحداث الاخيرة في تونس، مصر وليبيا، تستوجب التسوية الفورية للنزاع الاسرائيلي الفلسطيني، تهز على ما يبدو أعصاب رئيس الحكومة ووزير الدفاع.
يسارع رئيس الحكومة الى نشر خطة جديدة لحل النزاع، والتي ينوي أن يطرحها على الكونغرس الاميركي الذي لا يضغط لطرح خطة كهذه. في موازاة ذلك، يقول بنيامين نتنياهو لـ 300 ألف اسرائيلي يسكنون خلف خطوط الهدنة في نيسان 1949، والذين يطلبون استئناف البناء المجمد منذ أشهر عديدة، انه " علينا ان لا نضرب الرأس في الجدار". ويعلن ايهود باراك بأن علينا ان نتلقى من الولايات المتحدة مساعدة أمنية بقيمة 20 مليار دولار، للتصدي للمخاطر الجديدة التي يراها في الأفق.
هل يعرف أحد ما عما يتحدثان؟.
تخوف رئيس الحكومة من نزع الشرعية عن اسرائيل يهز على ما يبدو أعصابه. عمليا، في السنوات الاخيرة بدا تحسن جوهري في العلاقات بين اسرائيل وبعض دول العالم، وعلى الرغم من اعتراف بعض الدول بالدولة الفلسطينية غير القائمة، لا يوجد أي مؤشر على تدهور في موقفنا السياسي.
الحكومات الحالية في فرنسا، ايطاليا وهولندا، تتعامل مع اسرائيل بشكل أكثر ايجابية من سابقاتها. في الاتحاد الاوروبي تواصل دول وسط اوروبا وشرقها الاعلان عن صداقتها لاسرائيل. وهي تشدد على العلاقات الخاصة التي بينها وبيننا. كندا، التي تعاملت ببرودة مع إسرائيل طوال سنين عديدة، تتعامل الآن، في ظل حكومة ستيفان هاربر، بود ظاهر تجاه اسرائيل. والأهم من كل شيء، الكونغرس الاميركي الجديد ودي على نحو خاص تجاه اسرائيل ويمكن الثقة به في أن يؤدي الى توثيق العلاقات بين الولايات المتحدة واسرائيل ويصد الضغوط من جانب الادارة على اسرائيل.
اذا كان الأمر كذلك، فلماذا كل الجلبة؟ ومما يخاف وزير الدفاع لدرجة انه يريد طلب مساعدة إضافية بمبلغ ضخم، عشرين مليار دولار، لتعزيز أمن اسرائيل؟ لا شك ان هذا الطلب لن يُستقبل بحماسة حتى في الكونغرس الودي، الذي يسعى الآن للتصدي للعجز الفيدرالي الذي يقترب على ما يبدو من ترليون دولار.
يمكن طرح تخمينات عن سيناريو ينجح فيه في اسوأ الاحوال الاخوان المسلمون في السيطرة على مصر، الغاء اتفاق السلام الاسرائيلي المصري والتهديد بحرب على اسرائيل. ولكن هذا السيناريو غير معقول في هذه اللحظة. بل على العكس، العطش للتحول الديمقراطي الذي يجتاح العالم العربي من شأنه أن يُحسن المناخ السياسي في المنطقة. ومن شأن هذه الموجة أن تصل الى ايران وتؤدي في نهاية المطاف الى سقوط نظام خامنئي وإزالة ما يبدو في هذه اللحظة بأنه الخطر الأكبر على اسرائيل.
اذا كان الأمر كذلك، فلماذا ينفعل وزير الدفاع؟ لماذا يضغط على زر الانذار؟ هل يرى هو أمورا لا يستطيع أحد منا أن يراها؟.
هل يُعقل ان رئيس الحكومة ووزير الدفاع يحاولان بشكل منسق "خداع" الجمهور الاسرائيلي؟ باراك يُلمح إلى مخاطر هائلة تقف أمامنا ويشدد على تعلقنا بالسخاء الاميركي؛ بينما يقول نتنياهو انه من الافضل لنا ان نوافق على مطالب البيت الابيض ونقدم تنازلات للفلسطينيين، اذا كنا نريد الحصول على مساعدة اضافية من الاميركيين كي نتمكن من الدفاع عن أنفسنا في وجه المخاطر الهائلة التي تهددنا، بحسب كلام وزير الدفاع.
يبدو هذا سخيفا جدا بحيث لا يمكن ان يكون حقيقيا.
وهكذا، في تحليل سلوك زعمائنا في الفترة الاخيرة، يمكن ان نصل الى الاستنتاج بأنهم يعانون من نوبة قلق. التغييرات الاخيرة التي حدثت في الساحة الدولية وفي الدول المجاورة هزت ببساطة ثقتهم بأنفسهم. فهل يوجد عندنا اخصائي جيد في مجال الطب النفسي؟
(المستقبل)

السابق
المذهبية ليست قدرا … للشيعة
التالي
الغرب والبحرين