الاحترام هو الأساس

مثل ما أن التصنيفات الحديثة ترى أن هناك دولاً مارقة وأخرى فاشلة، وأخرى متمردة، فإن التصنيفات أيضا ترى أن هناك دولاً محترمة، ودولاً ديمقراطية ودولاً متقدمة ودولاً متفوقة. .

وفي القياس النهائي تكون الدول المحترمة هي الأفضل تصنيفا، لأن الاحترام صفة جامعة لكل الفضائل الأخرى التي تحملها الدول المتقدمة والناجحة والمتفوقة. فالاحترام يعني في نهاية الخلاصة هو احترام القوانين واللوائح والعقائد والأفكار والحريات ولكل ما له علاقة بكرامة الإنسان.

وقد تكون الدولة ديمقراطية بمقاييس الغرب ولكنها غير محترمة، فإسرائيل مثلا تعد في الأدبيات السياسية والقوانين الدستورية نظاماً ديمقراطياً تعددياً ولكنها ليست محترمة البتة. . فهي عنصرية وبغيضة وعدوانية وطائفية. . فإذا اجتمعت كل تلك الرذائل يصعب لأحد أن يصف تلك الدولة أو الكيان ب ( الحضارية ).

فإسرائيل سوف تصبح بعد فترة وجيزة في عداد الدول البغيضة، دوليا وإقليميا، لأنه لا تحترم حقوق الإنسان ولا تقدر اَدميته. والدليل على ذلك واضح في سياساتها تجاه الفلسطينيين الذين يعانون طويلا وكثيرا جراء الاحتلال، ومصادرة حرياتهم وتشديد الحصار عليهم دون وجه حق، وتفتيت وحدتهم بالحواجز والأسلاك الشائكة والجدارن العازلة وزرع المستوطنات، والمعتقلات والسجون والتعذيب والعدوان والقتل والتشريد والملاحقة.

والاحترام لا يتجزأ، فهو قيمة صلبة يحددها القانون.
وعندما كانت إسرائيل تزعم بأن الدول العربية غير ديمقراطية، وغير حضارية كان الغرب يصدقها دون تمحيص تلك المزاعم، وكان يؤكد مقولاتها دون مراجعة، وهذا في العرف يعتبر تبعية عمياء لكيان لا يحترم أدنى حقوق الإنسان. والغرب ليس بريئا في تصديقه، لأن مصالحه وحساباته قادته إلى تلك المواقف غير العادلة وغير المنطقية.

الاَن على الغرب أن يغير رأيه وموقفه تجاه إسرائيل إذا كان التصنيف للدول يعتمد قياس الاحترام كأساس في تقرير وتقييم كل تصرف حضاري.

أما لماذا الاَن، نقول لأن الظرف الحالي طرح قضية الدول الفاشلة والمارقة والمتمردة على طاولة البحث الدولي، في ظل المتغيرات والتطورات الجارية بسرعة في مصر وتونس ، مما جعل التجربتين في البلدين محل استحسان العالم كله، خاصة الغرب الذي رأي عملاً ضخماً يتحقق في الدولتين.

وخلاصة العمل في الدولتين هو مبدأ احترام المواطن والوطن، وتقنين هذه القيمة في الدستور والقوانين واللوائح والمعاملات. . ولذلك كان الطلب الأساسي في البلدين هو حل جهازي أمن الدولة باعتبارهما رمزين يسيئان لكرامة الإنسان، حسب ما طالب به الشعبان المصري والتونسي.

إذاً القضية ليست أجهزة أو أدوات أو إدارات، إنما القضية ماذا تفعل تلك الأجهزة، والدول والحكومات. . وحسب فعلها يتم تصنيفها.

فإسرائيل التي ينظر لها ككيان ديمقراطي هي بالفعل كيان عنصري مناقض للديمقراطية، ومنتهك لحقوق الإنسان. . والأمر لا يحتاج إلى دليل.

ولذلك أن التسمية ليست هي المهم في الحكم، إنما الفعل والمقصد. . وعليه فإن أي دولة تحترم الإنسان وتقدر اَدميته تعد دولة ديمقراطية بامتياز.

وعليه فإن حل جهاز أمن الدولة في مصر هو مطالبة الشعب بنسيان المرحلة السابقة والالتفات إلى مرحلة مقبلة، يتم فيها التصالح مع أجهزة الشرطة والضبط العام على أساس الاحترام وتبادل الثقة والتعاون على ’’ البر ’’. . .

السابق
التدخل الســوري عند موقـع “التوقف الموقـت”
التالي
ايران: المشكلة والحل