مخاطر فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا

تشكل لائحة الأسئلة التي توجه بها جورج ويل (صحافي حائز على جائزة بوليتزر) إلى المؤيدين للتدخل في ليبيا، قضية شاملة لعدم فرض منطقة حظر طيران فوق المجال الجوي الليبي. لكن واحدة من هذه الأسئلة على وجه الخصوص، تؤشر على الحماقة المحتملة لمثل هذه المناورة:هل من خلال التدخل في ليبيا يمكننا تجنّب "المهمة الزاحفة التالية"؟ إذا كان منع طيران القدافي من التحليق مهمة إنسانية، فلماذا لا تكون مهمة حماية أعدائه الثوار من الهجمات الأرضية إنسانية أيضاً؟
بالنسبة لبعض المعلقين، فإن "المهمة الزاحفة التالية" هي بيت القصيد: اليوم منطقة حظر جوي، غداً غارات جوية لدعمها، واليوم الذي يليه، بعض "المستشارين" للثوار، وفي اليوم التالي تطأ الجزمات أرض ليبيا. بالنسبة لي، فإن المخاطر التي ينطوي عليه مثل هذا التصعيد، سبب جيد لعدم خوض الحرب بالدرجة الأولى.
أما بالنسبة لمؤيدي فرض منطقة حظر جوي، فإن الأسباب الجوهرية الكامنة وراء مثل هذا التصعيد هي التي توجب عليهم التفكير مرتين في استراتيجيتهم. فالدرس الذي يجب أن يُستفاد منه من الحملات العسكرية السابقة، هو أن المناورة بفرض منطقة حظر جوي في الواقع ليست سوى وسيلة لتغيير النظام، إذا كما نريد دعم هذا الحظر بمزيد من استخدام القوة. وما لم يتغيّر الرأي العام بشكل جذري- أو انتقلت التزاماتنا في أفغانستان والعراق بطريقة سحرية إلى ألمانيا وكوريا الجنوبية- فمن الصعب جداً أن نشاهد الحكومات الغربية وهي ملتزمة بالمضي وراءنا. (كم هو عدد الضحايا الذي يتقبل الرأي العام الأميركي سقوطه من أجل إيصال الثوار الليبيين إلى السلطة في طرابلس؟ 10؟ 5؟ مهما كان الرقم الذي تختاره، فالرقم الحقيقي على الأرجح أقل).
هذه هي المشكلة الحقيقية في مقال دافيد فروم الأخير الداعم للتدخل العسكري (وهو من أقوى المقالات التي قرأتها). يقول فروم إن لائحة أصدقائنا في الشرق الأوسط ازدادت ولو جاء ذلك متأخراً، وأن تكون نظرتهم إلينا بأننا أذعنا من خلال الإطاحة برئيسين مؤيدين لأميركا في مصر وتونس، وأننا فشلنا في دعم مطالبنا بالإطاحة بزعيم مناهض لنا في ليبيا، فإن "المصداقية الأميركية والاستقرار في الشرق الأوسط ستواجهان ضربة موجعة".
لكن ما الذي سيصيب المصداقية الأميركية فعلاً إذا أعلنا الحرب على ليبيا ومن ثم فشلنا في الإطاحة بالقذافي لأنه راسخ في موقعه، ولأننا لسنا على استعداد للتصعيد أكثر من مسألة فرض الحظر الجوي؟
يبدو أن غاية كل ذلك معقول، إذ إنه عوضاً عن تبرئة القوة الأميركية، فإن فرض منطقة حظر جوي ستجعل الولايات المتحدة تبدو كنمر من ورق: سنبرهن أننا قادرون على قطع منتصف الطريق نحو الحرب لكن ليس أكثر من ذلك، وسيتمكن زعيم ليبيا من الزعم أنه حارب الولايات المتحدة وحقق نصراً
ترجمة: صلاح تقي الدين (المستقبل)

السابق
ماذا عن المفاعل النووي في ديمونا؟!
التالي
ميقاتي