باراك محق ومخطئ!

يحذر وزير الدفاع، ايهود باراك، من مغبة حصول "تسونامي سياسي" يهدد اسرائيل، يأخذ شكل اعتراف دولي جارف بدولة فلسطينية في حدود 1967. ففي الكلمة التي ألقاها يوم الاثنين الماضي في معهد بحوث الامن القومي، حذر باراك من خطوة جارفة لنزع الشرعية، ترمي إلى "حشر اسرائيل في الزاوية التي بدأ منها تدهور جنوب افريقيا القديمة".
يملك باراك اقتراحاً حول كيفية صد الموجة المهددة. فهو يدعو إلى البحث مع الفلسطينيين في كل قضايا اللباب، بهدف تحقيق تسوية لتقسيم البلاد بروح خطة كلينتون: اقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، في ظل اخلاء متدرج للمستوطنات التي ستبقى خلف الحدود الدائمة. "كل شيء آخر سيعمق عزلة اسرائيل ويعرض قوتها للخطر" قال باراك محذرا.ً
لم يتورع باراك عن قول الامور ايضاً في ظل القتل الوحشي في مستوطنة ايتمار وردود الفعل المتحمسة لشركائه السياسيين من اليمين. وشن باراك في كلمته انتقاداً شديداً لـ "انعدام الفعل، والبحث بواسطة غصن دبق دقيق عما يريد جمهور اليمين او اليسار سماعه في هذه اللحظة، وتلاوة هذه الاقوال". وكان واضحاً لمن استمعوا إليه انه يقصد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الذي يمتنع عن القرارات الحاسمة ويماطل في الوقت.
باراك محق. اسرائيل المحبة للحياة، الراغبة في انقاذ نفسها من شرك العزلة الدولية، ملزمة بالخروج من مناطق الضفة وتسليمها لدولة فلسطينية. وكان من الجيد لو أن نتنياهو أصغى إلى وزير دفاعه بدلاً من اصغائه لقادة مجلس مستوطني الضفة والقطاع "يشع".
ولكن بقدر ما هو صحيح تقدير باراك للوضع، بقدر ما هو مخطئ في افعاله. فباراك يصر على أن عليه "ان يحاول التأثير من الداخل"، حتى بعد سنتين تجاهل فيهما نتنياهو نصائحه ومواقفه، وانجرفت فيها الحكومة نحو اليمين فقط. وتبدو اقواله باطلة بشكل خاص بعد أن وافق على قرار ببناء مئات الشقق الجديدة في المستوطنات رداً على العملية في ايتمار.
بحسب ادعاء باراك، لا تملك كتلته القوة السياسية الكافية لاحداث التغيير، ولذلك يتعين على "كديما" ان ينضم إلى الحكومة. وهكذا يرفع العتب بدحرجة المسؤولية نحو تسيبي لفني. ولكن في الواقع، فإن باراك، بمواصلة منصبه تحت نتنياهو، يعطي غطاء للسياسة التي هي برأيه مدمرة لمستقبل اسرائيل.

السابق
هاشم: نأمل ألا يكون انتخاب الراعي تطويقاً للأكثرية الجديدة
التالي
سيطرة الفاتيكان