نهر الزهراني .. غزارة مياه وسط معاناة خانقة

يزخر مجرى نهر الزهراني الذي يفصل بين منطقتي النبطية وإقليم التفاح، في هذه الأوقات من السنة، بنسبة مياه غزيرة تتدفق إليه من فائض مياه نبع "الطاسة" في مرتفعات إقليم التفاح ومن الينابيع والروافد المنتشرة بكثافة في الأودية المحيطة به.
فضلاً عن أن كميات الأمطار المتساقطة مؤخرا قد أسهمت كالعادة في ارتفاع منسوبه حتى لامست مياهه حدود جسر "الست زبيدة" الذي يمر فوقه لناحية بلدتي حبوش وعربصاليم وتحولت مياه نهر الزهراني بفعل الهاطل المطري خلال شهر شباط الماضي إلى سيول جارفة فاقت قدرة مجراه على استيعابها.
عادة ما يشهد نهر الزهراني في أشهر الشتاء من كل سنة غزارة مياه تصل معدلاتها إلى ما يساوي 57 مليون متر مكعب في السنوات المطرية كما حصل في السنة المطرية 2003-2004 ليعود ويصاب بالجفاف التدريجي بدءاً من منتصف الربيع وصولاً إلى جفاف تام في فصلي الصيف والخريف ليبدأ بعدها موسم غزارة جديد. ونظراً للتغيرات المناخية التي أصابت لبنان لم يتجاوز معدل "كيول" المياه لنهر الزهراني في السنوات الأربع الأخيرة 21 مليون متر مكعب.
وفي حين تفيض مياه النهر هذه الأيام متجاوزة ضفتيه وتتجمع على شكل مستنقعات و بحيرات واسعة تقطع الطريق العام في الوادي الممتد بين النبطية وإقليم التفاح أو تذهب سدى في الحقول والأودية المحيطة أو هدرا باتجاه البحر يواجه أهالي منطقتي النبطية وإقليم التفاح كل صيف أزمة مياه خانقة مردها إلى عدم تحرك الوزارات ولا المصالح المختصة بتنظيم الثروة المائية في لبنان لإيجاد الحلول الناجعة التي تساعد في احتواء هذه المياه المتدفقة شتاء بهدف الإستفادة منها صيفاً.
يقول الخبير في علم بناء السدود والإنشاءات المائية الدكتور يوسف حمزة إن بحوزته خططاً ومشاريع كثيرة تستطيع في حال تم تنفيذها بشكل صحيح ودقيق تجنيب المنطقة أزمة جفاف متوقعة في المستقبل القريب ومنها إقامة ثلاثة سدود إسمنتية على مجرى نهر الزهراني في منطقة الوادي الأخضر أسفل بلدة عربصاليم تتجمع خلفها تلقائياً ثلاث بحيرات اصطناعية يمكن لكل واحدة منها اختزان 150 ألف متر مكعب من المياه من شأنها أن تؤمن بدائل مائية في أيام الشح وتساهم في تغذية الآبار الجوفية وتربية الأسماك كما تساعد في تنشيط الحركة السياحية في المنطقة .
ومهما يكن من حسابات ومعدلات سنوية ومشاريع تنموية وحلول ما زالت حبراً على ورق فالنتيجة واحدة وهي أن مياه نهر الزهراني سواء في السنوات المطرية أو سنوات الشح تذهب بمعظمها إلى البحر من دون أن يستفيد سكان المنطقة ولو بقطرة واحدة منها

السابق
صوراتي و”اللبنانية الأميركية”..والحريّات
التالي
«عملية كمال عدوان» عن خالد أبو إصبع