13 آذار: هل تهزم السلاح؟

قررت «قوى 14 آذار» إحياء الذكرى السنوية لـ14 آذار يوم الأحد في الثالث عشر من آذار وذلك للاستفادة من العطلة الاسبوعية في لبنان وعدم التعطيل أو الاضراب يوم الاثنين في 14 آذار، وقد يكون الدافع الأساسي لاختيار يوم الأحد لإحياء هذه الذكرى العمل على زيادة الحشود الشعبية المشاركة في الاحتفال بعد بروز بعض مظاهر التراجع في الشعبية في الفترة الأخيرة. وعمدت القوى الأساسية في «14 آذار» الى القيام بحملة سياسية واعلامية وشعبية لدفع الناس للمشاركة بقوة بعد ان تحولت «قوى 14 آذار» الى قوة معارضة ورفضت المشاركة في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.
وقد اختارت «14 آذار» شعاراً مركزياً أساسياً لحملتها الاعلامية والسياسية، هو «رفض وصاية السلاح» أو «رفض غلبة السلاح» أو «لأ لسلاح حزب الله». ورغم أن الحملة الاعلامية تضمنت شعارات أخرى تحت عنوان «حب الحياة الجميلة» (بأشكالها المتنوعة)، فإن الحملة الأساسية تركزت على «سلاح حزب الله»، وعمد الأركان الأساسيون في قوى 14 آذار (رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل، رئيس حزب القوات الدكتور سمير جعجع وآخرون) الى شنّ أكبر حملة مباشرة وواضحة على «سلاح حزب الله». فهل تنجح قوى 14 آذار في حملتها الجديدة على حزب الله وسلاحه؟ وكيف ستترجم هذه القوى الحملة السياسية والإعلامية والشعبية الى خطة عمل مبرمجة ومحددة من أجل نزع السلاح أو رفض وصايته أو مواجهة الحكومة المقبلة التي تُسمى «حكومة الحزب الحاكم» و«حكومة السلاح» و«حكومة ولاية الفقيه»؟
فيلتمان والخطة العملية
خلال لقاء بين مساعد وزير الخارجية الأميركية الحالي والسفير السابق في لبنان جيفري فيلتمان مع عدد من الاعلاميين (من تيار المستقبل وقوى 14 آذار) إبّان الحملة الشهيرة التي شنتها قوى 14 آذار على الرئيس إميل لحود والدعوة الى استقالته في عام 2006، قال فيلتمان للحاضرين: «لقد طرحت قوى 14 آذار شعاراً غير واقعي وحددت مهلة لتنفيذه (خلال شهر)، لكن طرح هذا الشعار والفشل في تطبيقه سيؤدي الى خسارة كبرى لـ14 آذار واعطاء دفع قوي للرئيس إميل لحود وحلفائه وداعميه». وأضاف فيلتمان: «عند طرح أي شعار يجب التفكير والدرس في كيفية تطبيقه عملياً والأهداف التي يُراد تحقيقها لأنّ من غير الصحيح طرح شعار غير واقعي وغير عملي».
هذه الواقعة يمكن ان تشكل اليوم مرجعية عملية لبحث الأهداف التي تقف وراء الحملة التي بدأت قوى 14 آذار اطلاقها حول «نزع سلاح حزب الله» أو «رفع وصاية السلاح»، وهناك عدة أسئلة ينبغي طرحها (وقد بدأ بعض القيادات السياسية وعدد من الاعلاميين طرحها سواء في حوارات خاصة أو عبر وسائل الإعلام):
1- ما هي أهداف الحملة على السلاح وهل يمكن ان تؤدي هذه الحملة الى نزع السلاح أم ستكون نتائجها عكسية؟
2- ما هي الخطة العملية التي ستطرحها قوى 14 آذار لنزع السلاح؟ وهل سيتم ذلك عبر الحوار أو من خلال قوة السلاح الداخلية أو الخارجية؟
3- هل يمكن الفصل على صعيد «سلاح حزب الله» بين السلاح الذي يستعمل للداخل وسلاح المقاومة؟ وهل سيشمل نزع السلاح «سلاح المقاومة»؟ وكيف سيتم ذلك؟
4- هل هذه الحملة تهدف لاستقطاب القوى الشعبية ولزيادة الحشود في يوم الاحتفال في 13 آذار، أم هي جزء من مشروع اقليمي ودولي لمحاصرة حزب الله والحكومة الجديدة تحت عناوين مختلفة؟ وهل هناك إمكانية لصدور قرارات جديدة من مجلس الأمن تحت البند السابع شبيهة بالقرار 1559 وغيره؟
الدور المستقبلي لـ«14 آذار»
وبعيداً عن الحملة على «سلاح حزب الله» وما ستحققه من أهداف وعن قدرة قوى 14 آذار على استعادة قوتها الشعبية بعد تحولها الى المعارضة. فإن السؤال الأساسي الذي ينبغي ان يطرح اليوم وغداً: أي دور مستقبلي لقوى 14 آذار وما هو مشروعها السياسي للمرحلة المقبلة بانتظار الانتخابات النيابية في عام 2013؟
حسب معلومات من أوساط مقربة من قوى 14 آذار هناك نقاش حقيقي يدور اليوم بين قيادات قوى 14 آذار حول كيفية إعادة تنظيم أوضاعها الداخلية والتنظيمية وهناك وجهتا نظر:
الأولى يتبناها حزب الكتائب ورئيسه أمين الجميّل تدعو لتشكيل قيادة مركزية تضم إضافة إلى الجميّل، الدكتور سمير جعجع والشيخ سعد الحريري والرئيس فؤاد السنيورة مع تشكيل مجلس وطني من حوالى 150 شخصية يتولى الاشراف على عمل قوى 14 آذار.
ووجهة النظر الأخرى تدعو لاعادة دراسة دور الأمانة العامة لقوى 14 آذار والبحث في كيفية تفعيل دورها وايجاد تشكيلات تنظيمية جديدة تكون قادرة على إدارة المعركة السياسية والشعبية والإعلامية للمرحلة المقبلة مع اشراك أكبر عدد يمكن القيادات والكوادر من مختلف الطوائف في قيادة 14 آذار.
وبغض النظر عن الشكل الجديد الذي سيأخذه الإطار التنظيمي لقوى 14 آذار ولمن تكون القيادة المركزية، فإن السؤال الأهم هو أي مشروع سياسي وإصلاحي ستدعو إليه قوى 14 آذار؟ وهل تستطيع قوى 14 آذار أن تطرح مشروعاً سياسياً يتجاوز النظام الطائفي ويدعو لتطبيق كل بنود اتفاق الطائف ويتم اعتماد قانون جديد للانتخابات على أساس النسبية مع خفض سن الاقتراح الى 18 سنة؟ وكيف ستستطيع قوى 14 آذار اختراق البيئات والطوائف التي لم تعد أو ليست مشاركة في مشروعها الحالي (غالبية الطائفة الشيعية، قسم كبير من الطائفة الدرزية، مؤيدو التيار العوني، القوى المعارضة أو المختلفة مع تيار المستقبل وعلى رأسهم اليوم رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي وحليفه الوزير محمد الصفدي؟).
إن قوى 14 آذار معنية اليوم قبل الغد بطرح مشروع سياسي عملي وإصلاحي قادر على اعادة الروح للمشروع الوطني الذي تجلى في 14 آذار عام 2005، والذي نجح باستقطاب قسم كبير من اللبنانيين من مختلف الطوائف والفئات. والشعارات التي تطرحها اليوم قوى 14 آذار لن تكون قادرة على اختراق كل البيئات والفئات بل ستسهم أكثر في عملية التجييش الطائفي والمذهبي وستدخل البلد في مشاحنات وصراعات جديدة ليست لمصلحة قوى 14 آذار ومشروع الدولة الذي تدعو اليه.
فهل لدى قوى 14 آذار خطة غير معلنة تعمل على أساسها؟ أم أنها تراهن على متغيرات دولية وإقليمية جديدة ستساعدها في تحقيق هدفها الأساسي وهو «نزع سلاح حزب الله»؟ علينا ان ننتظر بعض الوقت لنكون قادرين على الاجابة عن هذه الأسئلة.}

السابق
إسرائيل تعتّم على اختطاف مهندس فلسطيني في أوكرانيا
التالي
عودة إلى لغة الملايين؟