وآخرتهـــــا ؟!

هذا الإيقاع السياسي التأزيمي، المستمر والمتواصل منذ سنوات، لا ينتج سوى المزيد من الشلل والتعطيل، مما يفسح الطريق والمجال أمام عبور الأخطار وأسوأ الاحتمالات.
سواء أكان النافخ في البوق والنار فريق الثامن من آذار، أم فريق الرابع عشر منه.
حتى الانقسامات، بل حتى "الفَدْرَلة" تصبح واردة. وحتى الدويلات المتربّعة في بعض الضواحي والنواحي قد تنحو صوب ترسيخ وضعها "الاستقلالي".
فضلاً عن مخيّمات ومربّعات الأمر الواقع. فالى أين تسوقون هذا اللبنان؟
أإلى حرب طوائفيّة أهليّة جديدة، أم الى حروب آخرين مطعّمة ومعدّلة ومزيدة، تأكل الأخضر واليابس،، أو ما تبقى من لبنان الأخضر ذاك؟
الناس يسألون، ولا من يجيب: ماذا بعد؟ ماذا أكثر؟ الثورات من حولنا. والغليان يلفُّ المنطقة.
هذا الايقاع خطر للغاية. إنما النفخ لا يتوقف. وهذه الحنجلة قد تؤدّي الى دربكة لا الى دبكة محيّرة، أو الى مخمّس مردود. وهي أشدّ خطورة إذا ما انزلقت في اتجاهات غير مدروسة. وحتماً لا شيء في لبنان مدروساً، على جاري العادة.
لا بدّ، إذاً، من المراجعة واعادة التامل في هذه المسيرة المتهوّرة التي يندفع اليها اللاعبون في الساحة السياسية، سواء أكانوا من هذا الميل أم من ذاك.
 ولا بدّ من أن يدرك الجميع أن هذا الكباش الحاد سيؤدي حتماً الى عواقب أقل ما يُقال فيها إنها وخيمة.
فمن حكومة مُنعت من التحرّك والعمل والانتاج، وحتى من عقد جلسات وزارية، أو إقرار أي مشروع، أو تعيين أي موظف، أو توقيع أيّ اتفاق، الى حكومة ممنوعة من أن تصير حكومة، وممنوع على الرئيس المكلّف تأليفها كما يريد ولا حتى كما يريدون.
حكومة وافقت كل القوى الضاربة والمنيعة، وكل الدويلات والمربّعات والاقطاعات والمحميّات على اقتطاع حصص فيها وتحميلها لقب "حكومة اتحاد وطني" بقيت سنة وبعض السنة عاجزة حتى عن إقرار مشروع قانون الموازنة. أو غيرها من الاربعمئة بند التي بقيت تنتقل من جدول أعمال الى آخر… الى ان أودى بها انقلاب جهنّمي.
ثم تدريجاً، الى أن استيقظ اللبنانيّون ليجدوا أنهم بين حكومة تصريف أعمال ممنوعة من الصرف وحكومة عتيدة ممنوعة من أن تتألّف.
أهذه حكاية من حكايات أليس في بلاد العجائب؟ لأ، هي حكاية من بلد العجائب والغرائب، والثماني عشرة طائفة، والثمانية والثمانين حزباً وتكتلاً وتياراً ومنظمة وفرقة وجماعة ورابطة، والى آخره.
كلّهم جميعهم يتنافسون على الوزارات "السياديّة". أيّ وزارات الواجهة والتي تشبه تلك الدجاجة التي كانت تبيض ذهباً.
وكلّهم جميعهم متمسّكون ببند التعطيل وأكثريته ومرجعيته. ولبنان؟ والمصلحة الوطنية؟ والناس؟ ومصالحهم؟ هو هو هو، ليْك ويَنْ بعدو…
وآخرتها؟!
لا يستطيع لبنان النازف، المشلول، الخائف، الواقف على شوار، تحمّل المزيد من الأزمات والضغوط والمواجهات التي تبدأ بخلاف على حقيبة وزارية ولا تنتهي عند مفترق الانقسام أو الفسخ.
 

السابق
الحملة على السلاح توازن الحملة على المحكمة
التالي
فيلـم «جمهوريـة دلال» يسـتحضر الشـهيدة والأسـير سـكاف