تصالحوا لأجل لبنان

أيّها اللبنانيون…
لا شك أنّكم تعلمون علم اليقين أن وطننا لبنان، هذا البلد الصغير بمساحته، الكبير بقلوب أبنائه وبطموحاته وصلابته القوي والعظيم بجيشه وشعبه ومقاومته، هو محط أنظار الطامعين والمستعمرين، منذ فجر التاريخ، ولمّا يزل. ما انحنى لمستعمر، ولا لطاغية.
إسألوا صور وصيدون وجبيل، إسألوا بيروت والفيحاء والجبل الأشمّ، إسألوا البقاع وعاملة، إسألوا كل بقعةٍ من بقاعه، تروِ لكم حكايات التحدّي والتصدّي والصّمود في وجه الغزاة، كلّ الغزاة.
إنّكم واعون تاريخنا وعياً لا يشوبه أدنى شكّ.

أيّها المواطنون…
من هنا، بات لزاماً عليكم أن تحافظوا على هذا الوطن الذي خصّه الله بكلّ مقومات العيش الرّغيد والكريم، وأن تحافظوا عليه كياناً ووجوداً. ولا يغيب عنكم أن وطنكم هو بوّابة الشّرق المشرّعة على الأبيض المتوسط، وأنّ سماءه مشرّعة على العالم أجمع، عيونهم على خيراته، وعلى موقعه – وهو الأهم – لذا طمع به الطامعون، ليحققوا مآربهم على حساب هذه البقعة المقدّسة السّاحرة، وعلى حساب شعبها الصابر المكافح والمكابد. واعلموا ان التواصل والتفاعل مع العالمين العربيّ والغربيّ ضروري جدّاً للنهوض بلبنان، بل هو ضروري من أجل التكامل الحضاريّ، لكن ليس على حساب أمنه وإستقراره، لا، ولا على حساب كرامته، وتفتيت كيانه.

يا أبناء لبنان…
إن وطننا لبنان متفرّد في هذا الشرق العربي بشخصية فذّة، قوامها حكمٌ وطني، سيّد، مستقلّ، يضاف إليها حريّة، عدالة وديمقراطية. ولكي تظلّ هذه الشخصية محافظة على ميزتها، فهي بأمسّ الحاجة إلى جهاز كفوء يطبّق هذه الأقانيم الثلاثة، يؤازره شعب واعٍ، مثقفٌ، حضاريٌ، يساعد على النهوض بالوطن إقتصادياً وإجتماعياً، ثقافياً وعلمياً، إنسانياً ووطنياً. ولا يتحقق ذلك – أيّها اللبنانيون – إلا بإحترام القوانين وتطبيقها، ووعي الواجبات وتأديتها وبعمل دؤوب يعود بالنفع على أبنائه جميعهم، دون تمييز.

أيّها اللبنانيون…
إن وطناً كلبنان، تتعدّد فيه الأديان والطوائف والمذاهب والجنسيات والإثنيات، لا يمكن أن يعيش أبناؤه أحراراً، كراماً، وبسلام، إلا إذا خرجوا من جحيم عصبيّاتهم السياسية والطائفية، إلا إذا طرحوا جانباً تعصباتهم المذهبية، وأغراضهم الشخصية، إلاّ إذا حلّوا خلافاتهم فيما بينهم، إلاّ إذا تسامحوا وأدركوا أنّ "اختلاف الرأي لا يفسد للودّ قضية " عند أبناء الوطن الواحد، هذا، إذا تميزوا برجاحة العقل، وبالحكمة والرّوية، وأدركوا أن الوطن يعلو على المذهبية والطائفية.
فلبنان إذاً، لا تقوم له قائمة إلا بالتسامح والمحبة، إلا بالتوافق والشراكة والتعاون.

يا أبناء لبنان…
إن أديانكم وشرائعكم مصدرها وجوهرها واحد، لغتكم واحدة، ولبنانكم واحد – لا بديل عنه – فلِمَ لا تكون كلمتكم كلمة واحدة، وأيديكم يداً واحدة؟ متى تتحددُ نفوسكم لتصبح نفساً واحدة، تعمل لما فيه خيركم وصلاحكم، وخير أبنائكم وصلاحكم، وبالتالي خير وطنكم وصلاحه ؟

إفتحوا أبواب قلوبكم، أيها اللبنانيون، لتتآلف من جديد، مدّوا أيديكم لتتصافح وتتعاهد على الخير والمحبة والتسامح من جديد، لتتعاون على بناء الوطن الأم لينهض وينبعث من جديد.

السابق
الأسد الملك: الخطاب المذهبي.. بوجه السلاح
التالي
مناورات اسرائيلية وماليزية