الحملة على السلاح توازن الحملة على المحكمة

يتصدى سياسيون من قوى 8 آذار للشعار الرئيسي الذي رفعته قوى 14 آذار في الاحتفال الذي تقيمه غدا الاحد في ذكرى "ثورة الارز" التي انطلقت في 14 آذار 2005 حول رفض وصاية السلاح في الداخل بالمنطق القائل ان هذه المعركة وشعاراتها هي من دون أفق وتاليا هي شعارات ساقطة ولا قيمة لها. ويضيف هؤلاء ان لا هدف يرتجى من هذه الشعارات المبنية على واقع خروج الرئيس سعد الحريري من السلطة باعتبار انه قبل بهذا السلاح ولم تسقط الحكومة مثلا حين استخدم الحزب سلاحه في الطريق الجديدة إبان خلافه مع الاحباش سوى إثارة مشاعر التوتر مجددا لأن ثمة ذرائع قوية لا يزال حزب الله يمتلكها، قائمة على ان لا تغيير طرأ على مستوى المواجهة مع العدو الاسرائيلي وتاليا لا تغيير في المعادلة التي لا تزال تحكم الوضع والقائمة على صيغة "الجيش والشعب والمقاومة" التي سترد في البيان الوزاري للحكومة العتيدة. أضف الى ذلك الاتهامات بأن هذه الشعارات تخدم العدو الاسرائيلي وما شابه.
ويطرح سياسيون من قوى 14 آذار منطقا مقابلا يستند الى ان الحزب كان يعلم ويدرك جيدا ان الحملة التي شنها على المحكمة الخاصة بلبنان كانت من دون أفق بحيث لا يمكن اطاحتها، وذلك لم يمنعه من التهديد بزعزعة الاستقرار في حملات متواصلة منذ ربيع العام 2010. وقد عول بقوة على الرئيس سعد الحريري من اجل استيعاب تداعيات القرار الاتهامي الصادر عن المحكمة لكنه عاد فأطاح التسوية التي عملت عليها قطر وتركيا في اللحظات الاخيرة قبل اعلان فشلها راغبا في الحصول على الصفقة من دون الطرف الآخر المشارك فيها في اسلوب يتسم بكيدية لا تزال غير مفهومة بالنسبة الى غالبية المراقبين باعتبار ان مؤتمر المصالحة والمسامحة كان سيؤمن للحزب تسوية ذهبية في مقابل خسارة مهمة للرئيس الحريري ولو كان بقي في رئاسة الحكومة. ويعتبر هؤلاء انه، ولو تم التسليم جدلا بتغيير الرئيس الحريري موقفه من هذا السلاح حين كان في السلطة وبعدما أضحى خارجها، فان أحدا لا يمكنه التذرع ببقاء الامور أو المواقف على حالها. ومواقف النائب وليد جنبلاط تشهد على ذلك مثلا، كما مواقف "حزب الله" نفسه الذي كان وافق على البيان الوزاري الذي وافق على المحكمة وعاد فأخل بالتزامه في الحكومة وعلى طاولة الحوار كما أخل بالتزامه اتفاق الدوحة ومضمونه. ويقول سياسيون ممن سألوا أركانا في الحزب عن سبب قبوله بالمحكمة في البيان الوزاري لحكومة "الوحدة الوطنية" وكان الجواب ان الحزب وافق على المحكمة لانه لم يرغب في اثارة مشكلة لدى تشكيل الحكومة مما حمل هؤلاء على التساؤل اذا كأن من الحكمة ان يكون الحزب احتفظ باثارة المشكلة المتعلقة بالمحكمة حين يرى الوقت مناسبا لذلك فتسقط تجربة الحكومة ويعيش لبنان عدم الاستقرار الذي عاشه.
 والتسليم بأن معركة السلاح هي من دون أفق شأنها شأن المعركة ضد المحكمة لأن الاثنين مرتبطان بعناصر خارجية خارجة عن قدرة اللبنانيين على التحكم بهما يعني ان الحملة ضد السلاح تتساوى على الاقل بالحملة ضد المحكمة في حين يعي الافرقاء السياسيون في قوى 14 آذار وفي قوى 8 آذار ان لا أفق لهذا الصراع الداخلي في الاتجاهين. وليس خافيا ان سياسيين كثراً يبدون قلقا من اتساع الشرخ وزيادة التوتر نتيجة لذلك، علما ان الشعار المرفوع يجد صدى لدى الافرقاء السياسيين من حلفاء الحزب باعتبار ان أحدا لا يمكن ان يكون مع استخدام السلاح في الداخل وسبق للنائب وليد جنبلاط ان اعلن ذلك اكثر من مرة اخيرا. ومع ان التوقعات تذهب في اتجاه ان يعلن الرئيس المكلف نجيب ميقاتي حكومته العتيدة الاثنين او الثلثاء على ابعد تقدير، كما تقول بعض المصادر من اجل محاولة اعادة خطف الاضواء من مفاعيل إحياء قوى 14 آذار المناسبة يوم الاحد، فان ثمة تحديات يطرحها وجود جمهور عريض ضد السلاح الذي في يد الحزب عشية الاعداد لبيان وزاري من المرجح انه يطمح الى استعادة معادلة "الجيش والشعب المقاومة". اذ ان هذه المعارضة ستسقط في الواقع احدى ركائز هذه المعادلة المتمثلة بـ"الشعب" لأنه لا يمكن اختصار هذا الاخير بجمهور من دون آخر ينبغي أخذه في الاعتبار. ففي عز عمل حكومة الرئيس فؤاد السنيورة اعترض أركان الطائفة الشيعية وكثر معها على إهمال وجهة نظر شريحة واسعة من اللبنانيين في ما يظهر راهنا اتجاه الحزب الى ان يقلب الادوار بتجاهله مطالب شريحة واسعة من اللبنانيين.
بعض المراقبين يرى ان رفع شعار رفض وصاية السلاح وليس أي شعار آخر يستهدف سوريا مثلا على رغم مسؤوليتها عن الانقلاب الذي قضى بوضعها اليد مجددا على لبنان والحكم عبر حلفائها بأمر واقع قسري لا يحظى بأي تفويض إقليمي أو دولي، إنما يتصل بتسليط الضوء على جانب مما يتسم به السلاح لدى الحزب من حيث بعده "الايراني" السياسي والعملاني. ومع انه لم يتم إقحام أي دولة لا سلبا ولا إيجابا بالصراع الداخلي، فإن هذا البعد يمكن ان يلقى تفهما أكبر في أي مرحلة لاحقة. لكن التحدي الفعلي ان الجانبين أمام معضلات كبيرة ليس قبل التجمع الكبير في 13 آذار فحسب بل بعده.


السابق
بييتون: الحكومة لن تتأخر.. و”حزب الله” يتعاون مع المحكمة
التالي
وآخرتهـــــا ؟!