14 آذار تؤسس لمرحلة جديدة تحت عناوين السيادة والعدالة وإنهاء السلاح

تحيي قوى الرابع عشر من آذار بعد غد الاحد، الذكرى السادسة لانتفاضة الاستقلال الثاني، وسط مشاركة شعبية كثيفة من كل المناطق اللبنانية. لكن ما الذي تتميز به هذه الذكرى حالياً وما هي الأبعاد السياسية التي تحملها، والتي تأتي بالتزامن مع إعلان هذه القوى الوثيقة السياسية التي تتمسك بها؟.
الاحتفال بمناسبة هذه الذكرى في 2011 ليس مجرد إحياء للذكرى من وجهة نظر 14 آذار. إذ ان مصادر سياسية رفيعة في قوى 14 آذار، تؤكد، ان الاحتفال هذه السنة، هو احتفال تأسيسي لمرحلة جديدة من انتفاضة الاستقلال. وما يجعلها استثنائية هذه السنة، هو انها تكاد تقع على تقاطع عوامل عدة سياسية داخلية وخارجية لعل أبرزها:
ـ الانقلاب الذي حصل أخيراً على الحياة السياسية والدستورية في البلاد. انقلاب يستقوي بالسلاح على الشرعية الدستورية ويحاول فرض أمر واقع بعيداً عن المقتضيات الدستورية.
ـ انها استثنائية، بحيث تحصل في مرحلة متزامنة مع اقتراب صدور تفاصيل القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه. إذ من المتوقع صدور التفاصيل، من الآن ولغاية نهاية شهر آذار الجاري الأمر الذي يكشف المتهم بالقتل، وأهمية التفاصيل تساوي أهمية الأدلة المقنعة التي يحملها القرار الاتهامي.
ـ إحياء الذكرى يحصل وسط تطورات بالغة الأهمية في المنطقة العربية، حيث المزيد من التحولات نحو الديموقراطية، الأمر الذي يؤسس لنظام عربي جديد سيفرض نفسه على الوقائع السياسية في المنطقة.
ـ ان الذكرى والاحتفال بها، يحصلان في ظل مزيد من الخلل على صعيد الشراكة الوطنية. بمعنى ان هناك مزيداً من محاولات "حزب الله"، وضع الشيعة اللبنانيين في وجه الطوائف الأخرى.
ولأن الاحتفال بهذه الذكرى يحصل على تقاطع مجموعة عوامل، فإن حركة 14 آذار، تعتبر انه كان يجب تحقيق العديد من العناوين التي خاضت الانتفاضة على أساسها، وان تطرح مفاهيم جديدة لرؤيتها للمرحلة المقبلة. ذلك انه بالنسبة الى 14 آذار هناك عنوان ثابت هو السيادة، وهو معطى غير ناجز وغير قائم، ولا تزال السيادة مخترقة ولا يزال لبنان يواجه مشاريع إقليمية تقوض هذه السيادة. الأمر الذي يوجب إعادة التركيز على تحقيق هذا العنوان الأساسي لصيانة الاستقلال، الذي جاء به ما حصل في الـ2005.
ثم هناك العدالة والمحكمة الخاصة بلبنان، إذ ان ما حصل في 2005 جاء بالمحكمة، وهذه القوى تطرح الآن عنوان نعم للمحكمة في وجه التنصل منها، وتدعم العدالة، لذلك فإن النزول الى الشارع، الاحد، هو للدفاع عن السيادة، وعن المحكمة والعدالة.
والنزول الى الشارع، هو من أجل استعادة حياة دستورية، في ظل سلاح بيد فريق من اللبنانيين، يوجه ويستخدم في الصراع السياسي، الذي يجب ان يكون ديموقراطياً وسلمياً.
وبالتالي، تريد هذه القوى ان تؤكد مجدداً الدعوة الى إنهاء السلاح ووصايته، ويضاف ذلك الى عنوان السيادة، لأن السيادة تجسدها دولة سيدة وتملك حصرية الأدوار السيادية.
وحركة 14 آذار، تعلم انه عندما يطرح إنهاء السلاح ووصايته لا يتم بصورة فورية وبضربة قاضية، انما يأتي عنوان إنهاء السلاح، في بداية معركة سياسية طويلة النفس والمدى، للوصول الى هذا الإنجاز في وقت معين، لا يمكن تقديره زمنياً. ثم هناك العنوان السيادي لمنع استمرار التخريب على العملية السياسية الديموقراطية في وجه قيام الدولة.
فضلاً عن ذلك، ان النزول الى الشارع ليس فقط للتمسك بثوابت ثورة الأرز، انما أيضاً لتحقيق ما ينص عليه اتفاق الطائف، إذ ان لبنان ينتمي الى عصر عربي عنوانه العالم العربي التعددي والديموقراطي وان الهدف النهائي للثورات التي تشهدها المنطقة هو تجديد نظام المصلحة العربية، مع إعادة تعريف الاعتدال العربي وهو ضد التطرف الأصولي الديني، وضد التطرف السياسي. وما يضيفه الآن ما هو حاصل في العالم العربي، ان الاعتدال هو ضد الاستبداد، إذاً انه اعتدال ديموقراطي، يعني انه يعيد القضية الفلسطينية الى الحاضنة العربية، ومن أولى نتائج هذا المسار عندما ينجح، ان إسرائيل ستسقط أحد أسباب وجودها، إذ انها تدعي نفسها الديموقراطية الوحيدة في المنطقة، والمحاطة بديكتاتوريات، ان العالم العربي الآن هو لأول مرة منذ 42 عاماً أمام تحدي الديموقراطية العربية. وفي هذا الإطار يأتي تنظيم حركة 14 آذار لاحتفال بعد غد الأحد. انها تشكل أحد روافد المسار العربي نحو الديموقراطية ونحو إقامة نظام عربي ديموقراطي متعدد.

السابق
التعامل مع القرار الاتهامي بنموذج الـ 1559 ؟
التالي
خطة نتنياهو المرحلية الخروج من العزلة