“حزب الله” لا يدافع عن سلاحه خشية تعبئة إضافية ضده

خلافاً لعادته الرد بقوة كلما تطرق الحديث الى سلاحه الموجه الى صدور اللبنانيين للتحكم في خياراتهم السياسية، يتجنّب "حزب الله" حالياً الرد المباشر على أعنف حملة تستهدف هذا السلاح خشية المساهمة في تعبئة جماهير قوى 14 آذار. وفي هذا دليل كافٍ على معرفته بمدى رفض قسم كبير من اللبنانيين لما يعتبره "سلاحاً مقدساً".
فـ"حزب الله" يخشى الحشد الجماهيري الأحد المقبل الذي سيحيي الذكرى السادسة لانطلاقة ثورته بسبب تأثيره المساعد على تطبيق قرارات دولية تحصر وجود السلاح بيد الدولة، كما حصل عام 2005 مع خروج القوات السورية بعد أن أمضت ثلاثة عقود على الأراضي اللبنانية.
فالحملة على سلاح "حزب الله" لا تؤدي فقط الى كشفه في الداخل، وإنما تكشفه خارجياً بعد أن خسر عاملين أساسيين لحمايته: حكومة الوحدة الوطنية وطاولة الحوار الوطني الداخلي.
وتخوض قوى 14 آذار، أولى معاركها في صفوف المعارضة، تحت شعار إسقاط هذا السلاح، مما أربك "حزب الله" وحلفاءه، إذ حاولوا الايحاء بأن الهدف الفعلي ليس السلاح وإنما "مقاومة" إسرائيل. ومقاومة إسرائيل يجب ألا تعني حزباً معيناً لأنها تاريخ ساهمت في إطلاقه وتأسيسه أحزاب وطنية وقومية وإسلامية.
ويتبدى إرباك "حزب الله" في استخدامه هذه الذريعة المكشوفة رغم مواقف قوى 14 آذار الواضحة والمتكررة عن طبيعة السلاح المستهدف.
فقد أوضح رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري أنه يتمسك بمعادلة "الشعب والجيش والمقاومة إذا كانت تحت سقف الدولة" وأن التخلي عنها أتى بعد أن أصبحوا "أدوات في يد أي سلاح"، مشدداً على أن الحملة على السلاح لا تستهدف الطائفة الشيعية التي "يسيء زجها في العسكرة اليها والى دورها في النظام الديموقراطي".
وجاء في بيان كتلة "المستقبل" الأخير أن "السلاح المقاوم ضد العدو الإسرائيلي وتحت سلطة الدولة مقبول ومرغوب به".
وأضاف رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع وجهاً آخر للخشية من سلاح "حزب الله" الموجه الى إسرائيل ناجماً عن الاعتبار الدولي بأنه "سلاح إيراني سيتدخل عند وقوع أي مواجهة" متسائلاً "لماذا علينا أن نتحمل مسؤولية كهذه؟".
وشبّه النائب السابق مصباح الأحدب انعكاسات استخدام سلاح "حزب الله" في الداخل بـ"قانون طوارئ مستتر" مشابه لقوانين الطوارئ التي تتهاوى في المنطقة بعد أن صمدت عقوداً.
وترك "حزب الله" لحلفائه مهمة الرد على الحملة التي تستهدف سلاحه. فقد صرح رئيس "التيار الوطني الحر" النائب ميشال عون "نرفع رأسنا بسلاح المقاومة لأنه رفع رأسنا في العالم(…) وهو سلاح يحفظ كرامتنا".
في المقابل يركز "حزب الله" ردوده على المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي ستُحاكم المتهمين باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والتي سيصدر قريباً قرارها الاتهامي متضمناً، وفق معلومات صحفية، أسماء عناصر من "حزب الله". فقد جدد في الفترة الأخيرة الشيخ نعيم قاسم وصفها بأنها "جزء من خطة أميركية ـ إسرائيلية لضرب المقاومة"، مضيفاً "قوى 14 آذار تريدها لضرب المقاومة ولا تريدها من أجل الحقيقة".
وتشدد قوى 14 آذار على أنها ستتصدى للسلاح بالموقف وبأساليب ديموقراطية مع تمسكها بدعم المحكمة الدولية ودستور الطائف الذي نظم الحياة السياسية بعد حرب داخلية استمرت 15 عاماً.
في هذا الوقت لا مؤشرات جديدة تسمح بالتفاؤل بولادة قريبة للحكومة بل يزداد المشهد غموضاً في ظل التطورات الكبيرة التي تشهدها المنطقة والتي لا بد وأن تكون لها انعكاسات على لبنان.
ومن دلائل إرباك "حزب الله" عدم توصل الشخصية التي اختارها تشكيل حكومة، رغم نجاحه بإسقاط حكومة سعد الحريري بسرعة قصوى.
فرغم مضي شهر ونصف الشهر على تكليفه، لم يشكل الرئيس نجيب ميقاتي حكومته بسبب عوامل خارجية وأخرى داخلية.
ومن العوامل الخارجية القرار الاتهامي، لأنه يحدد ما إذا كان "حزب الله" يريد حكومة مواجهة سياسية أو يرضى بحكومة مهادنة كتلك التي رغب ميقاتي بترؤسها. وكذلك توفر غطاء عربي ودولي للحكومة عبر ضمانات لن يتلقاها لأن الجميع يربطها بالممارسة اللاحقة.
وتدل المؤشرات المتوفرة الى أن حال المراوحة مستمرة الى مدى غير منظور مع استحالة قيام حكومة وفاق وطني بعد إعلان قوى 14 آذار عدم المشاركة وسعي الرئيس ميقاتي الى تجنب حكومة استفزازية من لون واحد.
وأعلن الرئيس ميقاتي أخيراً أنه لن يشكل إلا حكومة يرضى عنها ولو تطلب الأمر شهوراً، وأنه لن يسحب لبنان من التزاماته تجاه المحكمة الدولية كما اشترط "حزب الله" سابقاً.
ويقول سياسي متابع مفاوضات التشكيل "ليس المهم موقف الرئيس ميقاتي الشخصي على طاولة مجلس الوزراء، فقد يرفض لكن التصويت سيفرض ما يريده "حزب الله"".
ويرى أن الرئيس ميقاتي "أساء تقدير ظروف تكليفه في الحال الراهنة في المنطقة والمرشحة الى التمدد"، مضيفاً: "كيف سيتصرف مع حكومة لا تمثل الأغلبية الساحقة للسنّة ولا نصف المسيحيين على الأقل".
ويتساءل "أثار رفض أربعة وزراء في حكومة تصريف الأعمال التعاون مع المحكمة زوبعة والتلويح بعقوبات، فكيف سيكون الأمر مع حكومة قائمة؟".

السابق
مصادر لـ”لجمهورية”: التدبير الأميركي خطوة روتينية لإبقاء جهوزية السفارة كاملة
التالي
نوم عميق