بلدية مرجعيون قرّرت إلغاء

وكأن مدينة مرجعيون الجنوبية الحدودية لا يكفيها ما تعانيه من أهمال واجحاف وتخل، وما تتعرض له من هجمة لشراء اراضيها وعقاراتها والاخلال بالعيش المشترك التاريخي في الجنوب، حتى أتت السلطات المحلية فيها لتجهز على ما تبقى من مظاهر الحياة والعيش في هذه المدينة التي لو أحسن القيمون على شؤون انماء الريف ومناطق الاطراف التعامل معها، لأمكن ان تتحول واحدة من أهم المنتجعات والمواقع السياحية في لبنان عموما والجنوب خصوصاً، ببيوتها العتيقة وقرميدها الاحمر وساحاتها التي تعود الى مئات الاعوام.
آخر فصول "خنق" مظاهر التراث الحياة في مرجعيون كان القرار الصادر عن بلديتها بالغاء سوق الجمعة الشعبية، احدى اهم الاسواق الشعبية في الجنوب منذ مئات الاعوام، ومنذ ان عرف السكن في تلك الناحية.
ويذكر المؤرخ ومعلم الأدب الشعبي سلام الراسي في مؤلفاته، ان مرجعيون اكتسبت أهميتها وكبرت لتصبح على ما هي عليه احدى حواضر جبل عامل المميزة بفضل موقعها الجغرافي القريب من مثلث الحدود اللبنانية – الفلسطينية – السورية، اضافة الى همّة اهاليها ونشاطهم وسعيهم الدؤوب الى الرقي والتقدم، فكان أن تحولت مركزا اساسيا للمبادلات التجارية بمختلف أصنافها، وخصوصا الزراعية والحيوانية.
كذلك مثلت نافذة لتجار جبل عامل للاطلالة منها على شمال فلسطين المزدهر، والمناطق السورية المتاخمة والمفتوحة على الداخل العربي وصولا الى الاردن. ومما لا ريب فيه، ان تقليد السوق الشعبية فيها يرتبط حكما بتاريخ البلدة وكل البلدات والقرى المجاورة، نظرا الى ما تمثله هذه الاسواق من معان في تعزيز التواصل الاجتماعي والثقافي بين مختلف الفئات في جبل عامل والجليل والجولان السوري المجاورة.
مؤيدون ومعترضون

قرار المنع صدر مع مقدمات تبرر الامر بشكاوى عدد من تجار المدينة بسبب "الخسائر" التي يتكبدونها نتيجة ما يصفونه "مضاربة" سوق الجمعة على اعمالهم، ذهب آخرون الى التنديد بما اعتبروه الآثار البيئية والضجيج وزحمة السير التي اعتبروا ان سوق الجمعة تسبب بها. لكن الطريف في الامر، ان السوق تقام عند احد محاور اوتوستراد مرجعيون او "البولفار" المحايدة والواقعة بين نقطتي مصرفي "فرنسبنك" و"بيبلوس"، والتي يمكن تحوير السير عنها بسهولة نحو المسرب الشرقي للبولفار الذي يتسع لاعداد ضخمة من السيارات ذهابا واياباً.
المؤيدون لبقاء السوق كثر، ويشكلون غالبية اهالي البلدة الذين يعتبرون انها تمثل مظهرا تراثيا واحتفاليا لا يمكن الاستغناء عنه بسهولة، ويرون ان الاسواق الشعبية عموما، وسوق الجمعة تحديدا، تمثل احد مظاهر العيش المشترك والاخوة بين ابناء جبل عامل ووادي التيم، حيث يجتمع الاهالي من كل الفئات والمذاهب والطوائف من دون أي تفريق بين غني وفقير أو أي اعتبار آخر من أجل التلاقي والعمل معا.

ويجزم المؤيدون أن منع "سوق الجمعة" يعني خنق "رئة رئيسية تتنفس منها مرجعيون التي تحتاج بشدة الى ان تبقى ملتقى لكل ابناء الجنوب وتضج بالحياة وتقاليد العيش المشترك، لا ان تتحول مدينة أثرية خالية من البشر". ويؤكد المعترضون انهم يتجهون الى توقيع عريضة يرفعونها الى الرئيس نبيه بري ووزارتي السياحة والداخلية وكل الهيئات المعنية لاعادة سوق الجمعة التراثية وعدم خنق رئة المدينة".

السابق
النبطية “تغرق”… في نفاياتها
التالي
تراجع رؤساء بلديات عن اتفاق تشغيل معمل نفايات صيدا.. ينذر بأزمة