المصالحة المذهبية أو خراب إيران وتركيا والمنطقة

«اقتلاع الكيان السرطاني اسرائيل»، الآن أو بعد ألف عام، مطلب حق ومشروع وواجب. النظام العربي بكل تلاوينه السياسية، خصوصاً ما أصبح يعرف منها في العقود الأخيرة بـ«جبهة الصمود والتصدي» وبالممانعة، استثمرت بكل قوتها هذا الشعار للإمام الخميني، لتثبيت نفسها في السلطة، ودائماً على حساب الشعب الفلسطيني.

المرشد آية الله علي خامنئي استبق «يوم القدس» فألقى خطاباً في الطلبة، جمع فيه الضد وضده.

حاك «السجادة»، فبدت خيوطها وألوانها غير متناسقة ولا منسجمة تاركاً لُغزها معلقاً على ما يريده، لا ما يريده الفلسطينيون. في كلمته شدد على:

[»ضرورة زوال الكيان الصهيوني من دون أن يعني ذلك إبادة اليهود».

[»ان الطريقة الوحيدة لمواجهة هذا النظام الشرس هي مواصلة المقاومة والنضال المسلح وتوسيعها إلى الضفة الغربية»، في وقت لم يسأل فيه يوماً عن أهل الضفة، لأنه يرفض السلطة الوطنية الفلسطينية ويدينها. فكيف تقاوم اليوم وهي محاصرة منذ عقود وشعبها أعزل؟

[»توسيع دائرة التسلح الى الضفة الغربية».

[»أن يختار الناس الذين يعيشون (من دون تحديد أين؟ في فلسطين؟ إسرائيل؟ الضفة وغزة؟ الحكومة بالاستفتاء؟

من الواضح في كل ذلك، الجمع بين الضدّين: المقاومة والتفاوض. إجراء الاستفتاء أو الانتخابات يتضمن مفاوضات طويلة وصعبة. بعيداً عن استحالة هذا الحل لأنه يعني حكماً استسلام الاسرائيليين قبل دخولهم في دورة الاستفتاء، ما معنى انضمام الضفة للمقاومة وتسليحها؟

الولي الفقيه خامنئي، لم يوفر للشعب الفلسطيني قوة المقاومة وإنما وضع جزءاً منه في خدمة مشروعه وذلك لأنه:

[دعم «حماس» و»الجهاد» في غزة وشجع أو أيّد أو ساند انفصال غزة عن الضفة الغربية وهو حلم اسرائيلي مئة بالمئة.

وعندما خرجت «حماس» عن طاعته في دعم بشار الأسد خصوصاً في حصاره مخيم اليرموك، قطعت إيران عن «حماس» الدعم لتركيعها. المعركة في غزة بكل خسائرها جزء من عرض «حماس» للمرشد للعودة الى «بيت الطاعة»، خصوصاً وأن مصر السيسي لم تسامحها حتى الآن.

أيضاً، المرشد آية الله علي خامنئي، يريد أن يبقى في كتاب التاريخ قامة توازي قامة الامام الخميني صانع الثورة، فلماذا لا يكون هو صانع «ايران الكبرى» سياسياً ومعنوياً وليس بالضرورة الحضور المباشر. من حق خامنئي أن يسعى لذلك كزعيم ايراني. ولكن للأسف فإن مسعاه يتم على حساب العرب وليس لدعمهم كما كان يقول ويؤكد الامام الخميني. ما يجري من فرقة ومواجهات مذهبية في العراق وسوريا ولبنان واليمن تتحمل ايران جزءاً كبيراً من مسؤوليتها، اختبار المرشد مصلحة ايران ومشروعه على حساب العرب وفلسطين ماذا ينفع إيران اليوم ومستقبلاً، أن تكون قوية والنار تشتعل حولها، وتدفعها بقوة للتدحرج من القمة الى أعمق الوادي؟

اليوم، شعب غزة يقاتل بلحمه ودمائه، لأنه لم يترك له حتى الحق بالحياة الكريمة. أمام دعوة الفلسطينيين في الضفة الغربية الى المقاومة فإنها حالياً دعوة الى الموت المجاني.

قبل أن يحصل ذلك، ليكن العمل قولاً وفعلاً في اعادة الوحدة بين الضفة وغزة، وفي الوقت نفسه المبادرة الى اطفاء النار في العراق، ليس فقط بالقبول بإراحة العراق من نوري المالكي، وإنما وهو الأهم التأكيد لسنة الأنبار أن لهم حقوقهم وعليهم واجبات مثلهم مثل اخوتهم السبعة في الجنوب، والعمل على وقف المذبحة في سوريا التي أشعلت بشعاراتها المذهبية، الحقد المذهبي الذي فتح الطريق السريع أمام «داعش» المتوحشة التي لم يعرف الاسلام شيئاً من محازبيها وحصر كل قضايا الأمة في تحويل المرأة الى آلة وظيفتها الولادة.

خارج هذا المسار التصالحي، كل المنطقة ومن ضمنها ايران وتركيا على مسار التفكيك والخراب.

السابق
هل يستعيد السنّة «قضيّة فلسطين»؟
التالي
بري: لا خطر على مصير الانتخابات