داعش هي الحل

مبرَّرٌ لشخص علماني ردة فعله أو حتى استغرابه وبالتالي رفضه دولة الخلافة والواقع الجديد الذي يُعمل على انتاجه وفرضه عليه لأنه يكون مخالفا لقناعاته وخلافا لما يصبو له. أما أن يخرج علينا أفراد أو جماعات إسلامية وحركات وأحزاب إسلامية ومدعومة من دول إسلامية وترفع شعارات إسلامية وتقاتل وتجاهد للغايات نفسها التي يحملها هذا الخليفة الجديد فهذا يثير الاستغراب والعجب العجاب.

مبرَّرٌ لشخص علماني ردة فعله أو حتى استغرابه وبالتالي رفضه دولة الخلافة والواقع الجديد الذي يُعمل على انتاجه وفرضه عليه لأنه يكون مخالفا لقناعاته وخلافا لما يصبو له. أما أن يخرج علينا أفراد أو جماعات إسلامية وحركات وأحزاب إسلامية ومدعومة من دول إسلامية وترفع شعارات إسلامية وتقاتل وتجاهد للغايات نفسها التي يحملها هذا الخليفة الجديد فهذا يثير الاستغراب والعجب العجاب.

قد يكون مفهوما وطبيعيا أن يقف علماني ما، او حداثوي ما، مذهولا مدهوشا من ظاهرة إعلان الدولة الإسلامية ودولة الخلافة وما تبعها من تنصيب “اهل الحل والعقد” لعبدالله إبراهيم، الملقب بـ”أبي بكر البغدادي”، أميرا للمؤمنين، وممارسة هذا الأخير دور ولي امر المسلمين. فراح يعيّن، هو الآخر، ولاة وأمراء له على كل بقعة من بقاع دولته التي يفترض أنها واقعة تحت سلطانه.

فمبررٌ إذا لهذا الشخص ردة فعله تلك أو حتى استغرابه وبالتالي رفضه واقعا كهذا جديد يُعمل على انتاجه وفرضه عليه لأنه يكون مخالفا لقناعاته وخلافا لما يصبو له. أما ان يخرج علينا أفراد أو جماعات إسلامية وحركات وأحزاب إسلامية ومدعومة من دول إسلامية وترفع شعارات إسلامية وتقاتل وتجاهد للغايات نفسها التي يحملها هذا الخليفة الجديد فهذا يثير الاستغراب والعجب العجاب. لأنه ينم عن واحدة من اثنتين.

– إما أن هؤلاء الاسلامويين أصحاب مقولة “الإسلام هو الحل” لا يعرفون أن الإسلام الذي ينادون به كمشروع سياسي وكحامل لمنظومة الدولة كما يدعون لا ينتج – اذا ما أريد تطبيقه بالمعنى السياسي – إلا ما يشبه داعش أو ما يعادلها. وإن حاولوا في الكثير من الأحيان تجميل هذا المنتج. فما قام به البغدادي ما هو إلا التطبيق الحرفي لما ينادون هم به. وبالتالي فمن غير المفهوم مكامن اعتراضهم إلا لأنهم يمنون انفسهم أن يكونوا هم فقط الامراء والخلفاء المرجوين وما اعتراضهم حينئذ إلا في سياق المآرب الشخصية ليس الا.

– وإما أنهم متوهمون أنه في الإسلام الذي يدّعون حمله هناك أطروحة سياسية أخرى غير التي يطبقها الآن “أمير المؤمنين” هذا، فيكونون عندها يحملون شعارات ويقاتلون من أجل أوهام لا يسعفهم الموروث الديني ولا المأثور التاريخي على إنتاج خلاف ما هو حاصل. والكلام هنا لا يقتصر على اهل السنة فقط بل على الشيعة أيضا. فنموذج الدولة الإسلامية في إيران وعلى رأسها ولي الفقيه (الخليفة) وما يتمتع به من صلاحيات هي امتداد لصلاحيات النبي كما جاء في كتاب الحكومة الإسلامية للامام الخميني ويستمد مشروعيته الأساسية من النص. وإن كان يُنتخب ظاهرا من مجلس أهل الحل والعقد (مجلس الخبراء)، ويتصرف ويلقب بولي أمر المسلمين أيضا فيعين له ممثلين (أمراء) متخطيا أيضا الحدود الإيرانية الى حيث يمكن ان تصل سلطته من خلال أتباعه.

وعليه فإن تجربة داعش وقبلها التجربة الإيرانية (طبعا وجه التشابه هنا بالخلفية الفكرية وليس بتفاصيل الأداء) تشبه كثيرا ما أصاب البلاد الأوروبية في العصور الوسطى وما حملته من نزاعات دينية واستغلال رجال الدين لنفوذهم وما أصاب الأوروبيين في تلك الحقبة السوداء التي لم يخرجوا منها الا من خلال العلمانية وما تمخض عنها من آليات حديثة لانتاج النظام السياسي وفي مقدمها الديمقراطية بكل متشعباتها.

من هنا فاننا نأمل ان تكون حركة داعش وما سبقها، هي المفتاح السحري الذي من خلاله ستتفتح عقول المسلمين أخيرا على حقيقة غير مفكّر فيها، ولو أنها تعتبر من البديهيات، حقيقة تقول إن الإسلام العظيم كدين متكامل، غير أنّ الشريعة الإسلامية ليست كاملة والمشرّع إنما ترك بحكمته الكثير الكثير مما يسمى بمناطق الفراغ التشريعي التي يجب ان يملؤها المسلمون أنفسهم وفق متغيرات الزمان والمكان. وفي طليعة منطقة الفراغ هذه هي آلية انتاج النظام السياسي، ما سمح لهذا الموضوع الكبير والحساس الذي يلامس حياة المسلمين وقيام مجتمعاتهم أن يكون موضع خلاف دائم بين الفقهاء على مر العصور وبقيت شرعية الحاكم مطرح جدل لم يحسم بعد (التعيين، الغلبة، التنصيب، أهل الحل والعقد، الشورى، السيف). ولا معنى ولا ضرورة شرعية لاسترجاع تجارب تاريخية مرّ عليها الزمن ولا تنسجم ابدا مع عصرنا الراهن.

وبالتالي فلا يوجد أي مانع ديني ولا عقلي بالاستفادة من التجارب البشرية في إنتاج السلطة، هذا ان لم نقل بوجوب الاخذ بما توصل اليه عقل الانسان من نظم هي اقرب ما يكون لتحقيق الأهداف الدينية الحقيقية والمتمثلة بأولوية مطالب كل الأديان بإحقاق العدالة الاجتماعية بين الناس عبر الحفاظ على حقوق الانسان ورفع شأنه وعمارة الأرض وما الى هنالك. . فاذا أوصلتنا تجربة داعش السوداء الى هذه النتيجة المرتجاة والتي لا بد منها في يوم من الأيام، فتكون داعش هي المقدمة الضرورية للتمسك بالديمقراطية وبمفهوم دولة القانون والمؤسسات بالمعنى الحديث، فتكون داعش حينها هي الحل.

السابق
أمل علم الدين حامل من جورج كلوني
التالي
لوحات سيارات خاصة بـ«الدولة الإسلامية» في العراق