سوريا والضاحية وإيران: شهداء – التضحية من طرف واحد

ايران سوريا لبنان
أمن الضاحية بات معلقا بأمن الشام وطهران. صارت ضاحيتنا الصغيرة بمثابة جزيرة إقليمية لها ما لحلفائها، وعليها ما عليهم. كيف؟

منذ تموز 2013 وحتى أيّار 2014 مرّ على سكان ضاحية بيروت الجنوبية ظروف بدأت صعبة جدا وانتهت اليوم الى هدوء وسكينة. والدليل أولا تصريح أحد المعنيين أنّ نسبة التفجيرات خفت بنسبة 90 %، وثانيا مبادرة بلدية حارة حريك إلى إقامة معرض في شارع الشورى، صاحب الشهرة الأعلى سابقا ولاحقا رغم تغيّر وظيفته من شارع محظور على السيارات إلى شارع مفتوح أمام العامة.

الأمن المستتب أخيرا في الضاحية أراح الناس نوعا ما، إلى درجة يمكن القول معها إنّ الحياة عادت طبيعية لولا حواجز الجيش والدرك على مدخل الحارة، والغبيري، والبرج والشياح..

الخطة الامنية في الضاحية

الأمن روح الحياة الاجتماعية والاقتصادية فلا عمل ولا حركة الا بتوفر الامن. ورغم ارتفاع عدد العوائل التي هجرت الضاحية بعد اول انفجار وقع في بئر العبد، وعدم عودة أيّ من هذه العوائل إلى الضاحية بعد، إلا أنّ من بقي داخل اسوار الضاحية وتحمّل الحبس داخل جدران البيوت، لمس في هذا الجو “الرائق” فرصة، لاسيما أنّ الربيع قد وصل، وأنّ الصيام على الابواب، وأنّ حركة المطاعم والاستراحات بدأت تتنفس بعد جمود كبير.

فهل سيكون هذا العام عام الاطمئنان بعد ثلاث سنوات من عمر الاحداث في سوريا لم تقدم اي بديل، بل ها هي تؤشّر إلى عودة بشار الاسد رئيسا في موقعه من جديد؟

بأيّ حال ما يميّز قاطنو الضاحية هو فرحتهم بسيطرة حزب الله على الخطوط الخلفيّة لقرى البقاع الشمالي وبعلبك. هذه السيطرة التي كبدت الحزب عشرات الضحايا من الشباب، وعشرات العوائل خلفهم، مع ما تركوه من أولاد ونساء وأمّهات وآباء وكوادر وطاقات مهنية واكاديمية.

خسارة حزب الله في سوريا

الأمن داخل الضاحية وبيروت والبقاع والجنوب كان ثمنه قدرات شبابية لا يمكن التنكر لها ونكرانها والإعراض عنها. لكن كيف يمكن لطائفة محددة أن تكون هي الاحتياط والخزّان لبلدين كبيرين ومهمين يملك كل منهما جيشا قويا، ويعتمدان على فرقة عسكرية ايديولوجية تُعدّ صغيرة نسبيا إلى درجة يجرؤ معها الجنرال محمد اسكندري قائد فيلق الحرس الثوري الإيراني في محافظة همدان الإيرانية على القول: “الحرب في سوريا هي في واقع الأمر حرب إيران ضد الولايات المتحدة”. ويجرؤ قياديّ إيراني آخر في الحرس الثوري على القول: “حدودنا وصلت إلى سواحل المتوسّط”.

لكنّ ايران، وبحسب الاعلام الذي ينقل كل كبيرة وصغيرة، لم تخض الحرب بعسكرها بقدر ما خاضتها بمدربين فقط وبالمال. وكان البديل عناصر حزب الله اللبنانيين الأشاوس. ولطالما سمعنا عن هروب ضباط وقادة من الجيش السوري، وعن خيانات داخله، كله في سبيل التغيير او المال.

اذن الحرب اميركية بأدوات سورية بداية، ومن ثم انتقلت لتصبح اسلاموية تكفيرية على ايران، وبأدوات حزب اللهية، اي ايضا اسلاموية.

الاسلام يحارب الاسلام، مقابل “اميركا تحارب ايران”. والارض سورية في الحالتين: لماذا؟ تحت عنوان حفظ المقاومة.

ورغم اننا حررنا الجنوب المحتلّ، وبفخر، إلا اننا لا نزال نخوض اشرس حرب للحفاظ على مكتسبات ايران من هذا الانتصار العظيم. ودوما بأدوات لبنانية، وعلى ارض لبنانية. اذن… الامان بات بالنسبة إلينا كمن يدفع فواتير وهمية لقروض لم يستلمها بعد.

ففي سياق التاريخ يمكن القول إنّ معركة سوريا ليست سوى حركة طبيعية لمجتمع تجمّد عشرات السنين وحان آوان قطافه. فقط من اجل التغيير على الاقل ليس الا، إن لم نقل اشياء اخرى عن الديموقراطية وحقوق الانسان.

فهل كان يجب ألا نسير ذات يوم من شباط 1979 من البابلية نحو الشرقية سيرا على الاقدام دعما لشعب إيران الذي أراد تغيير الطاغية؟

السابق
صورة مذيع تلفزيون لبنان الرسمي
التالي
4 طائرات معادية خرقت الاجواء