’ما بقى بدّها… صار لازم نوعى’

“العالم عم تبيع أوطانا كرامة كلاب، ما بدّك بيع بيتي كرامة عصفور؟”. بهذه الجملة في مشهد من مسرحيّة “ما بقى بدها”، يختصر الممثل عبد النّبي سلمان الذي لعب دور “عبد الغني الكحتي”، الخذلان الذّي يواجهه العرب. وبأسلوب مبطن يثير في المُشاهد حسّ الوطنية.

“ما بقى بدها” مسرحيّة كوميديّة تحكي واقع القضيّة الفلسطينيّة في ظل التواطؤ العربيّ والتّضليل الإعلامي. هي العمل الخامس لفرقة 107 الفنيّة، من إخراج زين العابدين السّباعي، وكتابة حسن قطيش. يوضح السّباعي أصل فكرة السيناريو معتبراً أنه بعد الأعمال المسرحيّة الّتي تضمنت مواضيع الإلغاء الطائفي، التفكك الأسري، تعامل طلاّب الجامعات بعضهم مع بعض، والواقع السياسي اللبناني، كان لابدّ من تسليط الضّوء عبر هذه المسرحيّة على أمّ القضايا القضيّة الفلسطينيّة، لإعادة إحيائها في النّفوس، وهذا ما ميّز المسرحيّة عن غيرها بحسب السباعي، اذ استطاعت أن تجذب مشاعر المشاهدين، عبر ملامستها قضيّة موجودة في القلب لكنّها شبه ميتة.
يقول زين العابدين، الممثل أيضاً دور البطل “لؤي عودة”، إنّ العمل استغرق ما يقارب الخمسة أشهر بين كتابة، إخراج، دراسة نصيّة، وتدريب. وقد اعتمد العمل هذا على الأسلوب الرمزي غير المباشر، ليرسخ في عقول المشاهدين. “ما بقى بدها، صار لازم نوعى” هكذا يختم السّباعي حديثه معتبراً أنّ من واجب اللبناني اليوم الا يبحث عن وجود المؤامرات فحسب بل يعمل على مواجهة الفتنة، لأنّها تؤول باللبنانيين إلى التفرقة.
أمّا زهير ابرهيم الّذي مثّل دور “يعقوب الداودي”، فيختصر دوره بمحاولة الاستيلاء على مبنى “الوحدة”، الّذي يجمع شخصيات المسرحيّة، ويكون ذلك عبر سلب كلّ بيت بطريقة مختلفة، فكان الاستيلاء على الأوّل بخطف بهلول عصفور عبد الكحتي، والثّاني بحرق بيت “دمج” الّذي لعب دوره محمّد حجازي، والثالث بتحريض المرأة على زوجها “الخواجة عيّاش ” الذي لعب دوره حسين محيي الديّن. كذلك كان يعقوب يطمح إلى تغيير اسم المبنى ليصبح “الربيع”، وهنا يوضّح ابرهيم الأسلوب الرمزي المعتمد مقارنةً مع الواقع والممثّل رمز ثورات “الربيع العربي” الّتي أدّت إلى تدهور وحدة بعض الدّول. يشير إلى أهميّة أخذ العرب قرار الاتّحاد لمواجهة كلّ ما يهدد استقرار دولهم.
كذلك تحكي هبة بزّي الّتي مثّلت دور “ميديا عبد اللّطيف” عن عملها التمثيلي الثّالث بعد “مش راكبة” و”خطوط مقطوعة”، معتبرةً أنّها استطاعت أن تشرح للمشاهدين أهميّة الاعلام في تغيير الوقائع، وتسليط الضّوء على أمور والمبالغة فيها، في حين أنّ المواطن يحتاج الى هذا الاعلام لكشف الفساد، والسعي لإيصال صوته الى المعنيين في سبيل تحسين وضعه. هبة الّتي أخذت دَوْرَي الإعلاميّة والمحقق “ضبان” في شخصيّة واحدة، توضّح الهدف من وراء هذا الخلط الأدائي، مشيرةً الى أنّ الإعلام اليوم بات يلعب غالباً دور المحقق الكاذب أيضاً. ويثني على رأيها حسين محيي الدّين الّذي يرى أنّ العرب أنفسهم مسؤولون عن الافساح في المجال أمام الاعلام لاستغلال الشّعوب عبر التضليل. ويضيف أنّ العرب أيضاً مسؤولون عن تراجعهم مقارنة بما كانوا عليه سابقاً، وهذا ما يجسّده الخواجة عيّاش وهو الدّور الّذي لعبه محيي الدّين، الّذي اعتبره الأخير عبارةً عن الأنظمة العربيّة الّتي ما زالت تعيش على أمجادها وقد تناست القضيّة الفلسطينيّة.
فرقة 107 هي فرقة فنيّة تعتمد على أداء المسرح الكوميدي الاجتماعي المتّزن في لبنان، بحسب تعريف محيي الدّين للفرقة. ويشدد حسين على أنّه من الصعب اليوم أن نجد مسرحًا متزنًا بعيدًا من الايحاءات الجنسيّة، ويستنكر هذا النّوع من المسرحيّات “مش ضروري لنضحك العالم نسب من الزنار ونازل”. وهنا تكمن أهميّة مسرحيّات 107 بحسب محيي الدّين، الّتي تستطيع إيصال الرّسالة بطريقة مضحكة وأخلاقيّة في الوقت عينه، وهذا ما فعلته الفرقة في المسرحيّة الأخيرة حين سلطت الضوء على القضيّة الفلسطينيّة الّتي أبكت القلوب رغم روح الفكاهة. “حضروها صار بدها “ما بقا بدها” يختم محيي الدين.
“ما بقى بدها” من تمثيل: عبد النّبي سلمان، حسن قطيش، زين العابدين السّباعي، هبة بزّي، زهير ابرهيم، حسين محيي الدّين، محمد حجازي، محمد كسرواني.
للاستفسار عن العروض المقبلة: 70715488
وعلى “فايسبوك”: “فرقة 107 المسرحيّة”.

السابق
بالفيديو..اعلى قفزة في العالم من برج خليفة في دبي
التالي
الانتخابات السورية والمهمّة الأخيرة للنظام