سيّد حسن: عُد إلى الحسين

السيد حسن نصرالله
أصبحت أيقونة لدي أراها في أحلامي، وأتمنى لقاءها أو حتى رؤيتها عن بعد، هذا لم يكن فقط حالي بل حال معظم الشباب العربي، الذي كان يبحث عن شجاع في زمن الجبناء. لكن بعد مناصرتك الأسد في سوريا إقبل منّي تذكيرك: الإمام الحسين خرج للإصلاح، ليستعيد الحكم من يزيد الذي ورث الحكم عن أبيه وسيورّثه لأبنائه: من يمثل يزيد في هذا العصر؟ من الذي ورث الحكم عن أبيه بعد ثلاثين سنة من الإستبداد؟

سيد حسن نصر الله، كل معارضيك في الأزمة السورية قرروا مهاجمتك عن بعد في زمن التغى فيه الحوار. وقررت أنا أن أحاورك عن قرب. أنا الشاب الذي كنت مفتونا بسيد المقاومة، بعنفوانه ضدّ عدوّه، بخطبه التي كنت أحفظها وأرددها، بفصاحته، بكارزميته ودعابته، حتى أصبحت أيقونة لدي أراها في أحلامي، وأتمنى لقاءها أو حتى رؤيتها عن بعد، هذا لم يكن فقط حالي بل حال معظم الشباب العربي، الذي كان يبحث عن شجاع في زمن الجبناء، وعن انتصار في زمن الهزائم وعن مواجهة في زمن الخيانة، وعن انكسار في زمن الاستبداد، فكان السيد حسن يروي غليله ويضيء أمله.

رغم أنني لست من جمهور الضاحية الجنوبية لبيروت ولا جبل عامل ولا بعلبك ولا من الطائفة الشيعية، إلا أنني تحديت البيئة التي كنت فيها والتي وقف جزء كبير منها ضد السيد حسن في حرب تموز 2006 ولم أكن أتحمل كلمة واحدة من نوع “نصر الله دمّر البلد”، أو “نصر الله ينفّذ الأجندة الإيرانية”. بل كنت أواجه حتى الرمق الأخير كل من يتعرض للسيد بكلمة. كنت أترقب كلماتك الوجيزة في تلك الفترة، وامتلأت غبطة وقفزت من الفرح يوم قلت: “الآن في عرض البحر، مقابل بيروت البارجة الإسرائيلية التي اعتدت على بنيتنا التحتية انظروا اليها تحترق وستغرق مع عشرات الجنود الصهاينة”. كنت أدعو للمجاهدين في جنوبنا دبر كل صلاة وفي كل سجود ومع كل غارة.

انطلقت شرارة الانتفاضات العربية على حكامها والسيّد السائر على نهج الإمام الحسين (ع) في الثورة على الظلم والطغاة لم يخيب ظننا. وقف مشجعا الشعب التونسي ومباركا انتفاضته من على منبر عاشوراء، ومن ثم فرح للثورة المصرية التي طالما أزعجه عمالة نظامها للكيان الصهيوني. بعدها هلّل للثورة الليبية التي شفت غليله من معمّر القذافي المتهم بتغييب وخطف مؤسس حركة أمل السيّد موسى الصدر، إلى أن وصلت الشرارة إلى نظام بشار الأسد، حليفه وعرّابه منذ نشأته والظهر الذي حمى المقاومة كما يقول السيد حسن.

لم يكن متوقعا من حليف دمشق المعروف بإخلاصه لحلفائه أن يتخلى عن النظام الذي وقف إلى جانبه طوال أكثر من 30 عاما، وفي الوقت ذاته لم نتوقع من “المنصف” أن ينكر حقّ الشعب السوري بالثورة على “يزيد عصره” الذي ورث الحكم عن أبيه وحكم شعبه بأبشع أنواع الاستبداد والظلم على مدى أربعين عاما.

كانت الصاعقة الكبرى عندما اعترف السيّد بالقتال إلى جانب النظام تحت مسوغات بدأت بحماية القرى اللبنانية المتداخلة مع الحدود السورية وصولا إلى حماية المقامات المقدسة انتهاء بقتال “التكفيريين”. كلّ ذلك كان مُستغربا ممن يحمل فكرا حسينيا يتلخّص بنصرة وثورة المظلوم على الظالم لا العكس.

سيد حسن، لن أُنظّر عليك بقضية حفيد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنت الخبير بهذا الأمر، ولكن تقبّل مني هذا التذكير:
الإمام الحسين خرج للإصلاح،  ليستعيد الحكم من يزيد الذي ورث الحكم عن أبيه وسيورّثه لأبنائه، وبمقارنة بديهية، نتساءل: من يمثل يزيد في هذا العصر؟ من الذي ورث الحكم عن أبيه بعد ثلاثين سنة من الإستبداد؟ أليس بشار الأسد؟ وفي المقابل من الذي يمثل الحسين الذي خرج للمطالبة بالحرية والعدالة والمساواة وقُتل وسحل في الشوراع؟ أليس الشعب السوري؟ أليس هذا هو الإسقاط المنطقي البديهي لقصة الحسين على القضية السورية؟

>سيّد حسن أنت تعرف الحقيقة جيدا، فعُد إلى ما كنت تمثّله من نصرة للمظلوم على الظالم، ومن نصرة الدم على السيف، بعيدا عن مصالح الدول العفنة. عُد إلى الشعوب العربية التي خسرتها، عد إلى الحسين.

السابق
جلسة الرئاسة: 60 ورقة بيضاء.. 46 جعجع.. 18 حلو
التالي
مقتل مغني راب ألماني «جاهد» في سوريا