طاقم ‘المنار’ وتعقيدات المشهد الإقليمي في سوريا!

حمزة ومنتش وعلاو

لماذا قُتل طاقم تلفزيون “المنار” في معلولا، وليس في بلدة أخرى من بلدات القلمون التي كانت مسرحا لعمليات عسكرية، تفوق بخطورتها ما جرى في هذه البلدة المعزولة؟
تؤكد كل المعلومات الميدانية أن مسلحي المعارضة السورية خصوصا جبهة “النصرة”، انسحبوا منها عمليا عندما تمت صفقة إطلاق الراهبات.
وتقول مصادر ديبلوماسية عربية في واشنطن “إن الأمر متصل بتطورات سياسية لا بد من متابعتها بدقة في الأيام المقبلة، نظرا الى ما تحمله من دلالات يبدو انها على صلة بالنزاع السياسي والطائفي الذي بات يأخذ بعدا إقليميا على الأرض السورية، في ظل حديث عن صفقة يتمّ بموجبها إعادة رسم خطوط تماس جديدة، يبدو ان الضحية الكبرى فيها هي الطائفة العلوية تحديدا.
ففي مقابل وصل دمشق بساحل اللاذقية عبر الآلة العسكرية الشيعية الممثلة بـ”حزب الله” والميليشيات المدعومة من ايران، يجري “تطهير” مدينة حلب وريفها، وقطع التواصل بين مناطقها العلوية عن منطقة اللاذقية، مع التقدم الميداني المهم الذي حققته المعارضة هناك”.
وفيما تؤكد تلك المصادر الأنباء عن اشتباكات محدودة بين قوات النظام مع عناصر الحزب في تلك المنطقة، ما ادى الى سحب قواته الفعلية منه هناك، قطعت تركيا التواصل بين “علوييها” في إقليم “هاتاي”ومناطق العلويين في اللاذقية، وفرضت ستاتيكو سياسي وديموغرافي قد يكون طويل نسبيا، في الوقت الذي تنشر وكالات الأنباء تحقيقات عن قيام عناصر بلهجة لبنانية بمهمات أمنية علنية في مناطق الساحل السوري برمته، وإقامة حواجز تفتيش أمنية وعسكرية فيها.
وتضيف المصادر:”أن تصريحات قائد سلاح الطيران الإيراني أمير علي حجي زاده عن “إرادة” ايران في إبقاء الرئيس السوري بشار الأسد ، تكشف معطيات سياسية مهمة جدا، في الوقت الذي ينعقد فيه اجتماع لجنة التعاون المشترك بين ايران وتركيا في طهران لثلاثة ايام “.
وعلى رغم أن البعض يرى انه من المبكر الحديث عن “صحوة” علوية حيال ما يجري في سوريا وما يُخطط لمستقبل هذه الطائفة فيها، الا أن تقارير عدّة تتحدث عن تململ يسود أوساط زعاماتها ووجهائها، في الوقت الذي يُشككون فيه في ما يُحضّر لهم في هذا النزاع الإقليمي الضخم الذي انحدرت سوريا اليه.
ويقول بعض العارفين “إن مقتل طاقم “المنار” قد يكون من بين إرهاصات هذا التململ الذي ليس بالضرورة قرارا مركزيا من دمشق”، لكنهم يشيرون الى أن احساسا “باحتلال” ما بدأ يسود أوساط السوريين عموما، والعلويين تحديداً، من آلة الحرب الإيرانية الممثلة بـ”حزب الله” والميليشيات العراقية الأخرى”.
هل سيؤدي هذا الى انسحاب الحزب من سوريا، فيما لو تصاعدت الإحتكاكات مع قوات الأسد؟
تجيب تلك المصادر:” لا يبدو حتى الساعة أن الحزب في وارد التفكير بقرار كهذا، في الوقت الذي يظهر فيه انه الطرف المقرر في سير المعارك في الجبهات “المتفق” على الإنسحاب منها، بعدما تبين حجم تدخّل إيران وعمقه وشكله في ما يجري في سوريا، وارتباطه بملفاتها الإقليمية التي ترغب في الإمساك بها خلال مرحلة توقيع اتفاقها النووي. والمقابلة الصحافية الأخيرة للأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله تكشف بوضوح الموقع الذي بات يتحدث منه عن دوره في سوريا، وهو ما لا يوحي أبدا أنه هو في وارد الإنسحاب منها، حتى لو ازدادت تلك الإحتكاكات.
فالنظام بات أسير معادلة سياسية وميدانية تتجه من الآن فصاعدا الى نوع من خطوط التماس، بعدما تجاوز الوضع في سوريا امكانية حصول اي استدراك باتجاه إعادة عقارب الساعة الى الوراء، سواء بعودة النظام الى ما كان عليه، او حتى ببقاء عصبه القائم على الطائفة العلوية نفسها، في الوقت الذي تشعر فيه غالبية الشعب السوري ان سوريا تتجه الى التقسيم بحكم الأمر الواقع ولسنوات طويلة. وهو ما يذكر بحروب لبنان الأهلية والتقسيم المناطقي والطائفي الذي استمر نحو عقدين من الزمن قبل انعقاد مؤتمر الطائف.

السابق
مقاتلو الجيش الحر فوق حقل أحمر
التالي
المعارضة السورية تحصل على صواريخ “لاو” الأميركية