إشهار زواج المتعة الإيراني – الأميركي

حملات الغزل العلني المكشوف بين إدارة أوباما الأميركية وإدارة الرئيس الإيراني الجديد الملا روحاني, التي تديرها الماكينة الحقيقية لمكتب الولي الفقيه, يبدو أنها قد بلغت مبلغا من التطور قد يؤدي قريبا لإشهار زواج المتعة بين الطرفين رغم عدم الحاجة الفعلية لذلك الإشهار, فالتوافق الأميركي – الإيراني غير المعلن شهد في العراق أوضح صوره وتجلياته منذ أن تكفل الأميركان باحتلال العراق عام 2003 بدواعي فرض الديمقراطية ودولة القانون والدولة الحضارية, ثم سرعان ما نفضوا أياديهم من تلك الدعاوى الإعلامية المحضة ودخلوا في حروب ( حقول الفئران ) ضد الجماعات المتطرفة التي جعلوا من العراق ساحة قتل ومنطقة جذب لهم, قبل أن يختتموا القصة بتسليم العراق بمن فيه لإيران وأحزابها المعروفة في العراق وبعضها كالدعوة والمجلس كانوا من المشاركين الفاعلين في صناعة الإرهاب الدولي, بل إن عناصر حزب إرهابي كالدعوة مثلا كانوا قد سبقوا الجماعات التكفيرية كالقاعدة ومشتقاتها في تبني الأعمال الانتحارية كما فعلوا في لبنان عام 1981 و1982 والعراق عام 1982 والكويت أعوام 1983 و1985 و,1988 وحكاية التناغم الأميركي – الإيراني وإدارة اللعبة السياسية والإرهابية في الشرق الأوسط حكاية طويلة ومعقدة ومتداخلة الأوراق والملفات ولكنها معروفة وشاخصة لكل ذي بصيرة, فكل جعجعة حكومة الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد كانت مجرد جعجعة بلا طحين وعملية نصب سياسي من طراز رفيع, فالقوات الأميركية ما غيرها هي التي كانت تحمي نجاد خلال زياراته لحلفائه وغلمان وليه الفقيه في المنطقة البغدادية الخضراء, كما أن المخابرات الأميركية لها ملفات كاملة بالعناصر الإيرانية العاملة في العراق وهي التي تدير الحكومة والوضع الأمني والسياسي, فكل أركان اللعبة كانت ثابتة وواضحة ونقية, وكل العناصر الإرهابية التي سبق لها ضرب المصالح الأميركية في الشرق كأبي مهدي المهندس مثلا أو غيره من كبار الإرهابيين الإيرانيين كانوا يتقافزون كالقرود في بغداد وأمام ناظريها دون أن يتم تحريك الساكن وانني أتساءل بجدية: هل يضم منتجع ومعتقل غوانتانامو الرهيب أي عنصر إرهابي تابع لإيران أومجموعة أحزاب الله التابعة لها في المنطقة? لماذا تخلو المعتقلات الأميركية الشهيرة من الإرهابيين الإيرانيين وعملائهم? أسئلة أترك الإجابة عنها لمن لديهم الإطلاع على ملفات الإدارة الأميركية السوداء? النظام الإيراني يا سادة يا كرام لم يكن يوماً عدواً حقيقياً للأميركان وإلا لخسفوا به الأرض, خصوصا إن الأرضية الستراتيجية للنظام الإيراني في غاية الهشاشة ويمكن بقليل من الجهد الاستخباري المركز جعل الأرض تميد وتترنح تحت ذلك النظام, ولن استفيض في الشرح والتوضيح فتلك أمور معروفة, ولكن وبعد سلسلة المتغيرات الإقليمية وما أفرزته أحداث الحراك الشعبي العربي من تغيير للصورة وللتحالفات النمطية, ومن ترحيل قريب لبعض الأنظمة المتهاوية كالنظام السوري مثلا, بات ضروريا بناء تحالفات جديدة تعيد صياغة وترميم المشهد الإقليمي والدولي في الشرق الأوسط, لذلك توقفت حالة الصد والهجران الأميركي- الإيراني ودخلا في مرحلة مداعبات ما قبل زواج المتعة من خلال حالة التوافق الطويلة في العراق المحتل والمدمر ومن ثم الانطلاق والتفاوض على جثة النظام السوري المتعفنة المهترئة للتصديق على المهر وتكاليف ذلك الزواج والذي قد يتطور من مؤقت لدائم إذا تم إنجاب شيء ما من ذلك الزواج المؤقت, فكل الخيارات والاحتمالات تبقى مفتوحة, فثمة ملفات حاسمة مفتوحة وتنتظر الاتفاق والتوافق ومن أهمها ملف استكمال تقسيم العراق وإعلان الدولة الشيعية في الجنوب التي ستضم بحكم الواقع والضرورة و(الشرع) تحت جبة الولي الفقيه, مع تقسيم من نوع ما لسورية أيضا, مع ترك دول الخليج العربي تعاني من الابتزاز الإيراني في ظل إدارة لعبة إقليمية جديدة تبدو كل العوامل والأسباب والظروف الموضوعية مهيئة وناضجة لها بالكامل, ويبدو إن إدارة أوباما وهي في سنواتها الأخيرة لن ترحل قبل أن يتجسد مخطط نائب أوباما جوبايدن بتقسيم العراق لإمارات طائفية وعرقية متناحرة على أرض الواقع, وليس هناك ظروف أفضل من الظروف الراهنة حيث تتمدد الميليشيات الطائفية الإرهابية الإيرانية والأخرى التكفيرية وجميعها تحت إدارة الحرس الثوري لتفعيل الحرب الطائفية وإقامة المناطق العازلة تمهيدا للإعلان الكبير القادم وإنجاز المشروع المعروف علنا منذ عام 1980 وهو تقسيم العراق لثلاث دول (طايح حظها)… وهو على ما يبدو المهر الثمين لزواج المتعة الإيراني- الأميركي. فبالرفاء والبنين و(خوش آمديد).

السابق
خريس: لعدم الرهان على الخارج والسير بخارطة بري
التالي
ذكرى رحيل الرئيس عبد الناصر في صور